أربع و عشرون عامًا غيرت في ملامحه الكثير. و تغير الملامح—شيخوختها و تهدلها بمعني أدق—لم يكن سوي إشارة عابرة، و مختصرة، إلي هوية حقيقية استبانت قسماتها من وراء قناع الشباب و الاستفتاء
تعودنا علي مشاهدة تلك اللقطات الأرشيفية لحسني مبارك، قائد سلاح الطيران المصري، و هو يتكلم بحزم لا يشوبه الغرور، و جدية لا يخالطها التعالي، عن ضربة رجاله الجوية. حفظنا لمعة عينيه، و حركة عنقه و رأسه الوئيدة، و نبرة صوته المميزة التي صارت علمًا علي ربع قرن كامل من التاريخ المصري. عندما كنا نشاهد تلك اللقطات كأطفال، أو حتى كشيوخ تهدلت شرايين عقولهم، كنا نتأثر بعسكرية الرجل و انضباطه. اذكر أن أختًا لجدتي كانت تشاهد تلك اللقطات مرة، فقالت لي بعفوية "هذا الرجل يبدو كصقر". و اذكر أيضًا أن كاتبًا اعرفه قال لي انه عندما تولي محمد حسني مبارك الحكم، و مع بعض الإشارات الطيبة مثل الإفراج عن المعتقلين، و التنبيه علي الجرائد القومية ألا تذيع أخبارًا عن قرينته تحت أي مسمى، قال هذا الكاتب أن هذا الرئيس الجديد سيعيد الانضباط إلي الشارع المصري، سيجعل الموظفين يجلسون علي مكاتبهم منذ الساعة الثامنة صباحًا!
ثم مرت أربع و عشرون عامًا، و النتيجة معروفة
و ربما يطلع لنا احد القراء بصفو نية—و للحق لا اقصد التهكم هنا—و يقول أن نظام حسني مبارك قد فعل "أشياءً كثيرة". حسنًا؛ ما هو الإعجاز الذي حققه حسني مبارك في الحكم لمدة 24 سنة غير تصليح التليفونات و سفلتة الطرق و المترو و تنمية بعض المدن الجديدة و استكمال سياسة عبده كباري ؟ هل كل ما سبق من قبيل المعجزات؟ و هل يحتاج قرابة ربع قرن لتحقيقه؟ و هل الضجيج بلا طحين في مجالي الإعلام و الثقافة هو إنجاز حقيقي؟ و هل مخاتلات البناء—مثل الأوبرا و مكتبة الإسكندرية—يمكنها أن تخفي عيب الهندسة ذاتها؟ هل سيكون منجز مصر الثقافي الرسمي طوال 24 عامًا هو مشروع مكتبة الأسرة—و هو فعلًا مشروع مهم رغم سلبياته—فحسب؟ و هل تعتبر بعض المحاولات الجادة هنا و هناك—و التي يغمض حسني مبارك عينه عنها من قبيل التنفيس و دواعي التجميل—هي توجه النظام بكامله؟ هل تقاس المسائل بالكيلو، فنقول أننا قد بنينا سبعين مليون مدرسة و مائة مليون مزرعة و ثمانين مليون مصنع و الحمد لله رب العالمين، أم هو السؤال في مدي كفاءة تلك المصانع و المدارس و المزارع و أدائها لوظيفتها؟
أيكون عمل "أي شيء" هو محض تفضل و إنعام و أريحية من "الزعيم"؟
اذكر أنني رأيت في مدخل "نفق الأزهر"—وهو نفق يصل بين ضاحيتين، لا محطة فضاء تصل بين الأرض و عطارد—لافتة مكتوب عليها "أنجاز عظيم للزعيم". الحمد لله
لنفترض أننا موتورين و ارذال و منحرفين—كما سيعن للرئيس السادات يرحمه الله أن يصفنا—و أن الرئيس محمد حسني مبارك قد فعل الكثير بالفعل، و لكن أي كثير هذا في ربع قرن، و أي معجزة تحققت في ظل أعداد المرضي المتزايدة من سرطان و فواكة مسرطنة و تلوث بيئي، و أي تنمية يتحدثون عنها في ظل استشراء الفساد و الفقر و الجهل؟ و للذي يبحث عن دلائل عما أقول يمكنه البحث في حياته هو نفسه، في بيته و في شارعه و في كليته و في مدرسته و في عمله. أنا لا أتكلم عن زوار الفضاء الخارجي أو الظروف المناخية لمدينة بيزنطة
شاهدت مرة مقدمة لبرنامج في قناة التليفزيون الثالثة، و كان يُصدر مشهدًا خاطفًا للرئيس الذي يقول بحسم "ما حدث في عهدي لم يحدث ألا في عهد محمد علي". و حدث أنني رويت ذلك لروائي مشهور فقال ضاحكًا "هذا صحيح، فمحمد علي لم يعرف الكباري!"
5 comments:
الله عليك ...ايوة كده تصدق مخيبتش املي فيك:)
طبعا الكباري و المجاري شغلة رئيس البلدية و ليس رئيس الجمهورية.
و أمر آخر، نحن لا نريد رئيسا "يعيد النظام للبلد" و لا "يشكم " و لا "يمسك البلد" مثلما يقال. فهذه كلها وظيفة القانون، لا الرئيس.
صان
يا سيدي الله يخليك
:)
ألف
طبعا.. اتفق معك تمامًا، و لكننا في حاجة إلي رئيس "يعيد الاحترام للقانون"، و بعد ذلك يحدث ما تقوله
مدونتك طية للغاية ارجو ان تزور مدونتي
http://tornado75.blogspot.com
best regards, nice info American express platnium 2 for 1 Oxycontin accepts paypal vicodin tab vicoden 5 500 Online sports betting bodog sportsbook Annie duke divorce Hawaii hakalau tattoo removal superior pants Order phendimetrazine from u s on line vicodin hd Addiction from symptom vicodin withdrawal Long beach gay clubs 401k and h1b Help in repairing pressure washers gas machine Bikini tzp
Post a Comment