designed by: M. Aladdin & H. Fathy

Tuesday, March 04, 2008

الفاعل


وخز الضمير*

صحيت في السادسة كما العادة، وكانت الدنيا برد، تلج والله، وكنا في شهر رمضان ، وتكاسلت، لسه هقوم وانزل الحمام واتزنق في الأوتوبيس، وبعدين اتلطع ع القهوة ويا اشتغلت يا مشتغلتش، وشديت البطانية ونمت وكدت أستغرق في النوم لكن الضمير اشتغل، طب أنت جي ليه، مش عشان تشتغل، طب خلينا م الشغل. الفلوس. أنت معاك فلوس ؟ فانتفضت مذعورا ونزلت للحمام جريا، وتشطفت ولبست وطرت على شبرا .

لم يكن هناك غيري من البلد، وكانت القهوة رائقة، وقلت لنفسى هنشتغل إن شاء الله، لا يوجد إلا أنا وأربعة أنفار من بني سويف، وفي الثامنة جاء المعلم مطر، طبعا مضبوط إلا في دفع الديون، وضرب شيشته المعتادة في عز رمضان وأخذ نفرين في يومية تكسير في بلوكات الشيخ رمضان ومشى، وبعده قام مبيض محارة وأخذ نفرا في يومية عجان، وبعده جاء واحد ملكي وأخذ النفر الأخير في مقاولة تنزيل عفش وبقيت وحدي أنتظر، وسألت سالم " الساعة كااام " فقال " تسعة ونص " بطريقة تفهم منها أنه لم يعد هناك طائل من الانتظار، " سوق انتصب ثم انفض ربح فيه الرابحون وخسر فيه الخاسرون " ، وبدأت أغير خطة اليوم، بدلا من قضائه في الشغل، رحت أفكر في طريقة لإضاعته، كنت في العادة أعود للأوضة في عين شمس، وأقضيه في القراءة وضرب العشرات والنوم والتلصص على الجيران بعد الفطار طبعا ، ولكني فكرت في رحلة للدكتور وترددت قيلا في ان كان ذلك مناسبا في شهر رمضان المبارك ووجدت انه مناسب خصوصا ان الاحتمال الاكبر ألا تظهر الممثلة في النهار ، ثم انني سأنام حتى المغرب وأفطر مع الدكتور وأعود على عين شمس .

كلما يقابلني يعزمني على رؤية الممثلة، ويقول إنها تستنضفه عن كل الشغالين ف العمارة ، وتوليه هو بالذات مهمة تسليمها جوابات المعجبين ، وعادة لا تفتح إلا الجوابات الملونة المزركشة وكل جواب تفتحه وتنظر إليه بقرف ثم تفذفه في وجه الدكتور حتى تنتهي الجوابات فتقول شيل الزبالة دي فيشيل الزبالة دي وينزل، وقال أيضا إنها ترافق واحدة سعودية غامضة، وأحيانا كنت أذهب إليه محملا بكل مشاهدها الساخنة في الأفلام، وأجلس على الدكة بجانبه وهو يزاول عمله وأتحين ظهورها، ولكن حينما تمر صاعدة أو نازلة أحاول أن أفهمها أنها لا تعنيني في شىء، أرفع رأسي عاليا وأتركها تمر وكأنها هواء ، مرة اقتربت مني وسألت بذلك الهدوء الذي يسبق العاصفة " انت مين .. قريب النطع اللي هناك ؟ " وعلى الفور قررت التبرؤ من النطع اللي هناك ولكنها هجمت علي " قوم اقف وانت بتكلمني " فارتبكت وغطاني العرق فقالت " رد.. انت اتخرست "، والحقيقة أني اتخرست فعلا، وأحسست بالخطأ، وأنه مكنش فيه داعي للعنطزة الكدابة، وأنها يمكن توديني في ستين داهية، ولكن الدكتور أنقذني، جاء جريا وأشار إلى بدروم العمارة وقال أنني زبون وأنني همشي على طول لما تطلع عربيتي م الجراج .

ركبت من محطة الشيخ رمضان على رمسيس، ومن رمسيس على مصر الجديدة ونزلت أمام عمارة الدكتور، عشرة طوابق فوق بدروم كبير والدكتور أمامها، يرتدي بنطلون جينز وقميص محبوك على سرته ويمسح في العربيات بكل همة ونشاط، وبمجرد آن رأني صرخ وانهلنا في القبلات والأحضان المعتادة .

قعدت على الدكة قليلا ، ثم استأذنته في النوم في أوضته ، ورجوته ان يتركني حتى الفطار ، ودخلت ونمت ، واستغرقت في النوم ، وحلمت بواحدة جميلة في حضني ، وتحسستها من فوق لتحت وكدت افعل معها ما افعله في الاحلام ولكن اتضح انها حقيقة ، جسد حقيقي ناعم وطري كالعجينة فانتفضت مذعورا لأجد الدكتور في وجهي " أي ده " فقال " عادي بس مش دلوقت ، هما صايمين برضو ، بعد الفطار ان شاء الله " فانتبهت على واحدة اخرى تستلقي بمنتهى العذوبة والدلال على السرير المقابل .

كنت سمعت طراطيش كلام عن نشاط العمارة، ولكني لم أتصور أن تكون المسألة بهذه السهولة، والحقيقة اني أرتعبت، وفكرت في كل العواقب الإلهية والبشرية، حتى هذه اللحظة كنت أعيش في الخيال وكان لي تجربتان أو قل تجارب لا داعي للتقليب فيها، وانتظرنا حتى الفطار ، وكانت فرصة لكي أجمع قواي واستوعب الامر ، ووقع ما أرهقني طويلا وقض مضجعي ومازال ، وقع بسهولة ويسر وحنان حتى اليوم اتمّظ حلاوته ، دخلنا على سرير خشبي في البدروم، وطبعا سرعان ما انهرت، ولكنها كانت متفهمة، وقالت لي اهدا وبالراحة، وأغدقت علي حنانا عذبا ممتعا يكفي لإحياء جثة هامدة .


حمدي أبو جُليل


* جزء من رواية الفاعل – صدرت مؤخرا عن ميريت

10 comments:

Anonymous said...

رائعة وحزينة وضاحكة جدا

Anonymous said...

ما هذا العبث؟؟ ما هذا الخلط السخيف بين الفصحى والعامية؟ فليكتب إما بالفصحى وحدها أو العامية وحدها، أو السرد بالفصحى والحوار بالعامية.. أما هذا فليس إلا مسخًا يبعث على القىء.. ومن فضلك لا تمح تعليقى لأن هذا الأمر صار ظاهرة منتشرة بطريقة مستفزة بين الكتاب الشبان.. إنه تدمير تدريجى للغة العربية ولهويتنا الثقافية والقومية.ـ
يبدو أنهم لا يريدون إضاعة وقتهم الثمين فى دراسة أصول اللغة العربية، فالأسهل أن يكتبوا بالعامية.. وإن كتبوا شيئا بالفصحى تجد أخطاء نحوية وصرفية وإملائية فاحشة(كما فى هذه القطعة)، والسؤال:كيف يكون الأديب أديبًا إن كان لا يجيد الكتابة بلغته بطريقة سليمة؟؟ـ

Anonymous said...

بس يا اهبل ... بتعرف تقرا أدب أقرا وانت ساكت ... عايشلي في دور الروائي الجاهلي الذائد عن حياض اللغة تقعد في بيتكوا تقرا معلقات
كتاب شبان إيه يا جاهل ... ده إنت واضح إن ثقافتك الأدبية جرداء قاحلة
لا مؤاخذة يا عم علاء ... اللي ما يعرفش يقول عدس ... وانا ما حبش حد يقول عدس قدامي واسكتله
شكرا على الجزء ده من الرواية ... هوه حفل التوقيع إمتى؟

Anonymous said...

الحفاظ على اللغة ليست مهمة الاديب
ثم أن هناك فرق بين الحفاظ على اللغة وتجميدها فى قالب قديم غير مرن
اللغة التى لا تتفاعل مع المجتمع وتطوراته محكوم عليها بالتحنيط

Anonymous said...

من حق الناقد الا تحلو له لغة ابوجليل ومن حقى ان اقول انها اقرب اللغات الى مزاجى فهى لغة ملموسة محسوسة بدون فزلكة او تغريب مصطنع

Anonymous said...

مسألة الخلط بين الفصحى والعامية صارت شئ مألوف بل ومطلوب
فالكاتب دائما فى عملية حوار مع أفكاره وواقعه وهو وحده صاحب القرار أى لغة يستخدم

Anonymous said...

من قرأ التلصص لصنع الله ابراهيم يرى انه ايضا يخلط الفصحى بالعامية

soha zaky said...

انا مش عارفة ليه كل الناس مش معروفة ، حتى الناس اللى قايلين كلام حلو فى حق الكتابة ، ليه مش كاتبين اسمهم على الاقل ...
اولا ...احب اشكر علاء على عرض هذا الجزء الصغير من الرواية الهامة جداللأستاذ " حمدى ابو جليل " "الفاعل " وفى رأيى ان هذه الرواية "مهمة جدا جدا " تجربة أنسانية شديدة الثراء ، رصدها الرواى العليم جدا جدا وهذا حقه لانه هو خالق عمله وصانعه ، وحقه ان يكتب ما يرويه بطريقته
من حقه ان يفعل ما يحلو له فى روايته
فهى تخصه هو
وعلى انا ان اتقبل الرواية او لا اتقبلها
وبالطبع فموضوع اللغة هنا غير مهم على الاطلاق
لانه ببساطه نسبى جدا
لا يوجد على وجه الارض منذ عرف الناس فكرة الادب والادباء كتاب يقول " قواعد الكتابة الابداعية "
لانه ببساطة تتعارض كلمة قواعد
مع كلة ابداعية
ولا ايه
فيا عزيزى المجهول الذى ترى ان الرواية بها عبث لغوى
عليك بقراءة على الاقل 20رواية تم نشرهم وتوزيعهم وقر"أتهم ، بل وحصول بعضهم على جوائز
لتعرف الفرق الكبير بين
"فاعل" حمدى ابو جليل
ذات اللغة الراقية الناعمة والسرد السهل المؤلم فى آن واحد
وبين
تدمير وفشخ اللغة فشخا
عن حق
وبعدها برجاء طرح
رأيك للمرة الثانية بعد قرائتك للفاعل مرة ثانية
انا من أشد المعجبين بكتابة ذلك "الرجل "لصوص متقاعدون "و"الفاعل
الأديب ليس فاعلا بالمناسبة
الاديب مبدع وخلاق فنان يعنى من حقه يعمل اى حاجة فى شغله ومن حقك تقبل او ترفض
بس مش من حقك تقوله يكتب ازاى اصلا

soha zaky said...

على فكرة قصدت ان تشترى عشرين رواية صدروا على مدار الثلاث اعوام الماضية ، وذلك لتعرف ان الاستاذ حمدى كاتب روايته بلغة نكاد نفتقدها وسرد تقريبا يميزه هو دون غيره
تحياتى للروائى حمدى ابو جليل على روايته الجديدة " الفاعل " رواية مؤلمة وحزينة ساخرة الى حد الوجع

سنتيمتر من الحنان said...

بهدوء ياجماعة
الأخ اللي بيقول أهبل ليس من حقه أن يشتم أحدا لأنه مختلف معه في الرأي. أي ديكتاتورية هذه.
على فكرة أنا أرى أن أضعف شيء في رواية حمدي أبو جليل هم لغتها. ليس في كل مواضعها بالطبع وأنا لست ضد تضفير الفصحى بالعامية؛ لكن بهذه اللغة انتصر حمدي للفواعلي على حساب الأديب. حتى العامية تجاهل فيها حمدي المد بالألف في بعض المواضع وهذا أضر بالعامية نفسها ، كما أخطأ في الفصحى في بعض المواضع. بدا الخلط غير مبرر أحيانا ففي عز الجملة الفصحى يكتب ميتين 200 يعني بالعامية لماذا؟ هل يحاول كتابة سيرة شفوية لعائلته الكريمة. هل يمكن أن نسميها الرواية المنطوقة على أساس أنها تسمع ولا تقرأ؟
اللغة سلاح ذو حدين. على فكرة الذي سيقرا سيفهم الفصحى قطعا، ولست أدري لماذا أصبحت الفصحى سبة. لست ضد التجديد والتجريب لكن علينا أن نتساءل هل نجح التجريب في النهاية؟
أسماء شهاب الدين
كاتبة مصرية