designed by: M. Aladdin & H. Fathy

Sunday, March 30, 2008

على حواف الغياب - 2...


أحيانًا أحب أن أُصور لنفسي كم عشت حياة طويلة.

شبق معتاد. أي نعم. ثمان وعشرون عامًا من الأيام والساعات والدقائق والثواني. لا أملك نفسي من الابتسام، حين أعبر في شارع قطعته قدمايّ مذ ثمانية عشر عامًا مثلًا لأكتشف أنه ليس بالكبر الذي كنت أتخيله.

عندما أمشي في شارع آخر فتضربني نسمة هواء، ويستحيل الجو إلى ما كانه مذ ثمانية عشر أو تسع عشر أو سبع عشر من الأعوام. ابتسم، وألوك علاء الذي كان. بنطال طويل أو قصير. سترة أو قميص أو تي شيرت أو..أو..أو. لا استطيع أن أتذكر تحديدًا ما كنت عليه، وما كانت مشاغلي وأحلامي. فقط تضربني الفيزياء بالمباني والنور والعتمة وأحوال الجو. تضربني الفيزياء ليثور الحنين. اسأل نفسي عن عشرين عامًا أخرى، ربما ستأتي، وأُفكر ساعتها- هنا بالطبع يمكنني أن أفكر فحسب- عما سأكونه. أدرك أن ما أعيشه الآن لزومه الوحيد أن تضربني الفيزياء مجددًا، حين أتواجد في حجرة جيدة الإضاءة، متوسطة التهوية، لأكتب شيئًا عن حياتي بالطبع لن أتذكره. بعد عشرين عامًا، ربما، سأجد نفسي في حجرة أخرى، مماثلة بشكل أو بآخر، واشعر بالحنين لذلك الشاب- أيامها- الذي كان يكتب أشياء لا أتذكرها الآن، في مثل هذا الوسيط المناسب لجد الذات بالماضي.

أفكر في فحولتي، والفحولة روح الذكر كما يُصور لي الآن، عندما تضربني الشيخوخة، وهي انتقام الفيزياء، فتستثير الحنين. أضحك حين أفكر في شابة يافعة الصدر، من مواليد يوبيلي الفضي، راقدة على سريري- بالطبع إن كنت حسن الحظ- وأنا أمامها بطبقات جلدي المتكومة فوق بعضها. أفكر في أنني ولابد سأقول برثاء للذات، يطيب لي أن أُصوره خبثًا، أنني كنت فحلًا عندما كنت في سنها. لابد أنني سأسرد وقائع أعلمها جيدًا عن نسائي المتأوهات وماكينة جسدي التي كانت. بالطبع ستعتبر هي ذلك رثاء خالصًا للذات دون معطف الخبث، ولو كانت بنت طيبة القلب ربما ستتظاهر بتصديقي، لأن البشر لا يعتدون في النهاية إلا بالفيزياء. ما كان قد كان. الحاضر. الحاضر هو الملك بفزياءه وتجبره. ماذا سينفع الآن أن تقول أنك كنت، وكنت؟!

ربما لا استطيع الإدعاء أنني صرت الآن أفهم ما يشعر به بطل "بيت الجميلات النائمات"، أو أن اسرد بثقة عمياء ما كان يقصده كاواباتا، ولكنني ربما استطيع الإدعاء بأنني اتخذت كرسيًا يُمكنني من رؤية الحكاية بمنظور أقرب. ربما، وربما لا، ولكت ما اعرفه في هذه اللحظة هو شيء واحد: ضربات فيزيائي البائسة المجهدة تستثير حنينًا لا أقدر عليه، بين فينة وأخرى.

5 comments:

lelith said...

لا علاج للحنين يعصر الروح..

Vera said...

مممم اذن هي النسبية في بعض الاوقات اتصفح صور لي منذ ستة اشهر مثلا اشعر وكأنها قديمة جدا وانني كنت ابدو صغيرة وفي اوقات اخرى افكر انني لم اتغير كثيرا منذ نحو 4 سنوات مثلا ..نفس الافكار والأراء وحتى الاخطاء
نظريات الفيزياء فاشلة بالنسبة لي
هذه الايام ..لايوجد رد فعل لاي فعل وطاقتي نفذت

ســـــــمــــكة said...

أظن احيانا انني سأبدو كختلفة(عادة ما يكون الظن اني سأكون جميلة)بعد سنوات معدودة.....كما ظننت منذ سنوات اني سأكون مختلفة
حقيقة اني أتغير بالفعل...لكن تغير عقلي هو ما يلفت انتباهي اكثر من تغير شكلي او طولي او قامتى...

لم أعش سوى ستة عشر عاما لكن بالنسبة لما يحدث داخل جمجمتي فهم خمسون عام من الغرابة
لتبدأ فيزياء عقلي بالعمل ليكون الحنين الى البراءة
لا اظن انس يأتغير في الاعوام القادمة...املا في ان اتغير بالفعل


تحياتي

أحمد جمال said...

لا علاج للحنين , هذه من الأمور التي تقتل بهدوء , دون أن نقاوم حتى
:)

أقول هذا وصدقني , أنا نصف متأكد أنك لا تريد أن تُعالج

مصطفى محمد said...

:)