designed by: M. Aladdin & H. Fathy

Wednesday, April 18, 2007

..بيسو

لست اعرف إن كان من المصرح لي بذكر اسمه الحقيقي، الذي يبدو كسر معلن للجميع، و لكن—علي أية حال—من المفضل أن اكتفي بذكر اسمه "الحركي" الذي عرفه الجميع به؛ إبليس، أو كما اسميه أنا تحببًا؛ بيسو.

و إن كنت لا اعرف إن كان من المصرح لي بذكر اسمه أم لا، فأنا اعرف جيدًا أن عدم ذكر رواية بديعة كالتي كتبها هو محض ذنب و تعامي.

لا أبالغ حقيقة، فالفتي عندما أعطاني روايته—أنا شخصيًا اسميها رواية—و عندما سمح لي بنشر أي مقطع أحبه، قد منحني متعة لا تعوض. متعة لا تزورني كثيرًا و لا تبادلني المودة إلا نادرًا لحظي التعيس. عبرت كثيرًا عن إعجابي بكتابة بيسو رغم كل اختلافي مع أفكاره— التي أؤمن أنها شيء طبيعي في مرحلة عمرية ما— و يمكنكم رؤية ذلك هنا مذ ما يقارب العام. أعجبني و يعجبني في كتابة بيسو أسلوبها الرائق في فلسفة العبث و اللعب بالكلمات و التعبيرات. الكتابة لعبة و بيسو—و برأي شخصي متواضع—لاعب كبير في تلك اللعبة الكبيرة. أبديت إعجابي في حدود كتابة البلوج—بكل ما يعتريها من تعاطي من المرسل و المستقبل كليهما، و لكن روايته ، روجرز، هي تعبير عن موهبة أصيلة و خطوة حقيقية جدًا نحو نص مفارق و مغاير و مختلف. كتابة رائقة لا يشوبها سوى بعض أخطاء اللغة التي نبهني انه سينقحها، و هذا لا يضيره أبدًا و لا ينتقص منه شيء.

تقابلنا بالأمس، و قلت له انه من الصعب جدًا أن تكون أنت. أن تكون بيسو و لا احد غيرك. قلت له لا تهون من ذلك فأنت لست شبيهًا بأحد و لا أحد يشبهك. هذا شيء صعب جدًا يدفع فيه محبي الكتابة حياتهم و غالبًا لا يبلغونه. هو شيء صعب جدًا حتى و لو بدا لك مجرد لهو علي الكيبورد. أن تكون أنت و لا أحد غيرك.

لا أجد غضاضة في الاعتراف إنني افخر بكون بيسو من قرائي مذ حداثته، في ذلك العهد القديم الذي كنت فيه اكتب "مجانين". مرت سبع سنوات علي إصدار العدد الأول منها مع رفيقاي احمد العايدي و محمد فتحي، و أجد نفسي الآن فخورًا جدًا بأن هذا الفتي الموهوب من قرائي. لا أجد غضاضة أيضًا في القول انه ربما لا تعجبه تماما إصداراتي الجديدة، فقط—و بنرجسية كبيرة بغيضة—ابتسم و أقول لنفسي "في الغد سينضج و سيفهم".

و بعيدًا عن نرجسيتي المفرطة و انتقاداته الهامسة أحيانًا، فبيسو—و مرة أخرى—هو كاتب كبير و مهم أشرف بإفراد مساحة متواضعة هنا لمقتطفين—غير متعاقبين— من روايته الجميلة و المختلفة "روجرز"، متمنيًا أن يراجع نفسه في تفكيره المبدئي بعدم نشرها. قلتها له أمس و أقولها له الآن: بحق الأيام الخوالي التي كنت فيها تقرأ محمد علاء الدين بمتعة، أرجو أن تعيد التفكير.

..........

"((أنتَ مُسَافر؟!!)) انحنيت على كفه ذو العروق الزرقَاء الْمُجهدة وقبلته ((أيوه يا جدو))، كان الوقت عصر والشمس تَدخلُ من النَافذةِ بضوء حَنون ومعها ريح لطيفه؛ في جلبابه الأبيض نَائماً على السريرِ، رفع يده اليُمني وهرش في رأسِه، كانت حَالته مُتَحسنة بعض الشيء ومزَاجه في مثل ذلك الوقت يبدو رَائقاً.

في مثل هذا التوقيت مُنذ أكثر من عشر سنوات، حكي لي عن الفتوة الحكيم الذي سَاد حَارته بالعدلِ والحكمةِ، وزهدته الدنيا في أخر أيامه فلما شعر بالوهنِ وضعف سَاعده اعتزل الحَارةَ والدنيا وتفرع للتقرب لله، حتى فُتحت له أبواب السّمَاء في ليلةِ القدر فتمنى على ملاك السر الذي تجلي له، أن يطلب من الله تحويله لتنين لا تنضب قوته أبداً، فصار أسطورة يفرد أجنحته ويُحلق يطلقُ النَارَ من فمه ويُحَاربُ من يراهم أشرَار، يرتفعُ للأعلى قَادراً على الدوران حول الأرض في ثلاث ساعات، بذيله يبيد مدن، وبنار فمه يبخر أنهَار ويدفعها لتسقطْ المطر حيثما شاء، أضل الكثيرين بعظمةِ قوته فعبده البعض وتركوا السجود والتذلل لله. أما هو فالكبر ازداد في قلبه يوماً بعض يوم وهو يُرَاقب رعيته ومؤمنيه يزدادون في العدد ويتقربون له بالطَاعةِ والقرابين ما بين هدايا عينية وحتى أجسَاد بشرية، حتى أنه وقف فوق جبل صخري ذات يوم يطل على صحرَاء حمراء وهتف بصوت سمعه كل من في الأرض ((لمن الملك يوم؟!!)). عند هذه النقطة كان عم أحمد صديق جدي يبتسم ويعدل من وضع طَاقيته الصوف البلدي على رأسه فيشير جدي بأصبعه إليه مُوجهاً كلامه إلي ((ثم شاء الله أن يعد عمك أحمد لأمر عظيم..)) ويضحك الاثنين في صوت واحد.

بعين الخيال كنت أري ملاك الرب وقد حمل الْبُشري لعم أحمد الذي ارتفع بأمر الواحد الأحد ليصير حُوتاً يتجاوز طوله الميلين ويسبح في السمَاء برشَاقة بَالغة ليقيم أمراً عند الله كان مكتوبا، رأيت المعركةَ التي جرت في الصحراء البعيدة، وهدمت فيها جبَال وزُلزلت فيها أرَاضي واستمرت ثلاث سنوات في كر وفر ليتحرك ذيل الحوت في غفلة من التنين، ويضربه عم أحمد ضربة بمشيئة الله تكون قَاسمة، فيندفع بعيداً بقوة اللطمة حتى يرتطم بعين الشمس، فترجو وتتذلل الشمس للمولي عز وجل أن تحرق عدو الله فيأذن لها، فتحرقه ببركته، فيغار البحر ويُسَابق الشمس في حب الله فيرجو المولي أن يمن عليه بأن يقتل عدو الله، فبأمر الله تفلت الشمس التنين الفتوة فيسقط في البحر حتى يلفظ أنفَاسه فيكتم ماء البحر حياته، فتبكي الأرض لعرش الرحمن ((يا رب سبقني البحر والشمس لطلب طاعتك فامنحني فضل دفن وأكل جثة عدوك وعدو نبيك)) فبأمره سبحانه وتعالى عما يصفون يلفظ البحر التنين وقد انكمش جلده وتضَاءل حجمه فيسقط على الأرض التي تبتلعه بفمها وتدفنه في جوفها، حتى يبعث الله جدي وقوم صَالحون معه، فيبنون فوق البقعة التي ابتلعت فيه الأرض التنين، ويقولون بأمر الله يصير هذا مقَاماً ويكون هذا شارع التنين الذي أكلته الشمس.

يصمت جدي، ويرفعُ القلةَ ليشرب منها، فاسأل وأنا مسحور جَالساً بينه وبين عم أحمد ((وبعدين؟!)) ينزل القلة ويمسح المَاء من علي شفتيه ((ربنا رزق عمك أحمد هذه الأرض و أعاده لصورته، فقد خلقنا في أحسن تكوين)) انظر لعم أحمد فألمح مُسدسه البَارز من صدر جلبابه، الشمس تقترب من الغرب، جَالسين نحن الثلاثة كل شيء الآن يقترب من اللون البرتقالي وعيني تصير أضعف، الذكري تضيع وتتشوش، فأجد نفسي في ذات الوقت جَالساً بجوار جدي على السرير، انحني عليه واقبل رأسه، فينده عليا ويطلب مني أن أدلك رجله."

...............

..............

" في وقت الهدنة وظهور وجه السمَاء الأزرق، كنا نُخرج درَاجَاتنا، نَلتقي عند عطفه كريم الكرمَاء، ثم نبدأ في التجوالِ على طولِ الشَارعِ من البحر حتى نهَاية السور العَالي ومن السور العَالي إلى الشوارع الفرعية والشقوق والجحور، نُحرك البدَال بسهولةِ فوق الأسفلت وبصعوبةِ فوق الرمل وتَهتز أجسَادنا حينما تَسير الدرَاجة فوق الحجَارة، و لأن كرسي دراجاتي من الفيبر الصلب لا الإسفنج فقد كانت الاهتزَازات تؤلم مؤخرتي وفتحة شَرجي.

فُتحة شرجي مرة ثَانية، بعيداً في الزمن.. ذات مرة حملت مرآة صغيرة ودخلت الحمَام عَازماً على فحص كل جزء من جسدي خصوصاً هذا المجري المظلم الْممتد من أسفل عضوي حتى مؤخرتي، كان يمكنني أن أري عضوي و أري مؤخرتي لكن لم يكن بالإمكان رؤية ما بينها وحين وضعت المرآة وجدت تعرج جلدي طويل كسلسةِ جبَال حمرَاء يبدو كأنه أثر خيَاطة قديمة وينتهي بفتحة شرجي. همست لنفسي ((إذن الأمر هكذا)) لقد ألبس عظَامي اللحم وغطي اللحم بشبكة الأعصَاب والحواس وأطلق فيها النمل، وضعي في رأسي حوت وفي قلبي حزن وغير معدتي برأس جمل وبني فوقه حجاباً حَاجز، ثم ألبسني معطف من الجلدِ وخيطه من الدَاخل بضربات عليمة مَاهرة في منتصف جبهتي وعلى أنفي وفي شفتي وتحت لسَاني وعلى طول منتصف صدري الممتد حتى قضيبي يمكنني الإحساس بضربات الإبرة والخيَاطة الدَاخلية، ولضيق المسَاحة بين الفخذين فقد خاط الرداء من الخارج، ثم جمع ما تبقي من القماش وأخر الخيط وبطن به الشرج من الدَاخل.

على العجلةِ في الطريق العثر وفي الاهتزازات التي تصنعها الحجَارة كان الألم يأتي كنقرة على فُتحةِ شرجي، وهَاجس أخر يتمثل في سؤال يهمس في أذني ماذا لو انفكت الخيَاطة الدَاخلية لأسقط من علي العجلةِ وينفر مني الْمعطف الجلدي وتتسَاقط الفئران أسفل منه ويخرج الحوتُ ليطير ويفَارقني الحزنُ ويمتطي الجملُ الحجَاب الحَاجز ويشرخ في الطريقِ...ماذا أفعل وقتها؟".

10 comments:

Incomplete said...

أنا كمان
بحب كتابات بيسو قوي
:)

Anonymous said...

إنني افخر بكون بيسو من قرائي مذ حداثته
*****
بحق الأيام الخوالي التي كنت فيها تقرأ محمد علاء الدين بمتعة، أرجو أن تعيد التفكير

هههه

ههههههه

ههههههههههههه

ههههههههههههههههههههههههه

ههههههههههههههههههههههههههههههههههه

Anonymous said...

بصراحة أنا مش عارفة أزاي جت لك الشجاعة على هذا الطلب " نشر روجرز ،على أنها رواية " يبدو أنك لا تعرف بيسو جيدا ، ع العموم أنا هاحيلك لكلمات بيسو نفسه في تقديمه لروجرز في مدونته الجميلة وسع خيالك عيش كأنك تلعب ، يقول بيسو " روجرز" هو مجرد لعبة، ليس رواية، ولا قصة، ولا تدوينة، وبالطبع ليس قصيدة. استغرقت الكتابة الأولى لروجرز حوالى تسعة شهور، والمراجعات والتعديلات علي اللعبة أخذت فترة لا أذكر مدتها... يمكنكم تحميل روجرز وقراءتا من خلال تنزيل ملف الوورد المرفق مع هذه التدوينة.

روجرز ليس له أو عليها أى نوع من الحماية أو الملكية الفكرية، هو متاح للجميع، ويمكن لأى شخص قراءته أو طباعته، كما يمكن التعديل عليه أو إضافة أو حذف ما يريده، كما يمكن لأى شخص وضع اسمه عليها وطباعته بأى شكل من الأشكال أو الصور. باختصار هو نص/لعبة مفتوح/ة للجميع. نشكر لكم حسن إصغائكم ونتمنى لكم ليلة سعيدة... نلتقي بعد الفاصل " ولتفهم أكثر فارجع لرأيه في تدوينة " إكرام الميت دفنه والتي يقول فيها " أصبحت الرواية بالنسبة للقارئ المعاصر طويلة بحيث لا يمكن قراءتها، و يعود ذلك إلى أن الصور المتولدة عن السرد الروائي في بداية الرواية لا يمكن للذاكرة المعاصرة الإحتفاظ بها خلال الزمن المطلوب للوصول إلى نهاية الرواية. إن الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها قراءة الرواية بشكل حقيقي في عالمنا الذي تسيطر عليه الصورة هو أن يعيد القارئ قراءة الرواية لأكثر من مرة. و لأن لا أحد يفعل ذلك الآن فالرواية كفن تعاني من مأزق عميق من حيث وجودها كمكون رئيس في الذاكرة الثقافية "
رأيي لو يهمك يا بيسو أنك تفضل تلعب بحرية زي ما أنت وبلاش تحبس نفسك بين ضفتي كتاب ، أن أي حد ممكن يقرالك من غير خنقة الوقوف في قائمة انتظار عند ناشر ولا ناس ترخم عليك في دار حكومية ويحذفوا حاجات أو يصادروا الكتاب ، ولما الكتاب يطلع ندخل في سكة بيتباع فين ومش لاقيه وأصل النسخ نفدت ، والمكسب الأكبر والأهم أنك تفضل تعمل اللي أنت عايزة وتسيب الناس تشاركك اللعب والخلق " المجد للشيطان الذي قال لا في وجه من قالوا نعم "
: )
وبعدين أيه حكاية "عبرت كثيرًا عن إعجابي بكتابة بيسو رغم كل اختلافي مع أفكاره— التي أؤمن أنها شيء طبيعي في مرحلة عمرية ما"
دول كلهم أربع سنين عُمي يا راجل فرق السن بينك وبينه
:p

Muhammad Aladdin said...

انكومبليت
:)

جوست
حلو هرم الضحك ده.. حاسب من المسلات بقي
:)

قطقوطة
جلست انا و بيسو و تحدثنا كثيرًا، و تناقشنا في كل ما ذكرتيه، و لك ان تعرفي أن مدونة بيسو تعبر عن اراء يمكنها ان تتغير في اي لحظة، علي حد تعبير بيسو نفسه
و بالنسبة للنشر، لا تقلقي، هو لن يعجز
:)
بمناسبة السنين العمي،، هم اكثر من اربع سنوات فارق بيننا، في الحقيقة هم سبع سنوات
:)
و ضعي في اعتبارك أن النضج و التغير في سنوات العشرينات هو سريع جدا، حتي يمكنني القول أن سن الثانية و العشرين يختلف عن الخامسة و العشرين عن الثامنة و العشرين.. هذا المعدل السريع لن تجديه في الثلاثينات مثلا
شكرا علي التعليق

Anonymous said...

كدا حاتزعلنى
متعملهاش تانى
:)

Muhammad Aladdin said...

ماشي يا افندينا مش ح نعملها تاني، و ما تخليش بالك من المسلات.. واضح انها كيف عندك

:)

Anonymous said...

وبعدين ف لعب العيال ده
طيب
انا ممكن اسامحك لو اتأسفت

Anonymous said...

انا معجب قوى بكناباتك مجانين بس لسه مقريتش حاجة من الروايات و كنت ناوى اشترى انجيل ادم و ملقتوش
انا شايف ان بيسو مبدع و الرواية جامدة قوى.
هو صحيح بيسو شكله حلو.

Anonymous said...

قصدى شكله اييه؟

أحمد said...

بشرته حمراء نارية ولدية اذنين طويلين
وذيل في نهايته شوكة
كما انها يرتدى فوق كل هذا صديري
ويمتلك عضو قصير نسبيا طوله 12 سم