designed by: M. Aladdin & H. Fathy

Wednesday, November 01, 2006

..كملاءة حريرية ذلقة



من بضعة ساعات، ربما ست و ثلاثون، أو أربع و ثلاثون، التقط مجدي لي هذه الصورة.

لم تعجب مجدي، و لكنها اعجبتني أنا.

بالطبع يمكن لمن يقرأ ان يمط شفتيه—لن يشوح بيده فتلك حركة تنبئ عن كثير من المجهود الذي لا استحقه—و يتساءل "منذ متى لم تعجبك صورك يا علاء". حسنًا، ماط الشفتين لديه نقطة جيدة ليجادل بها، و لكنني عندما رأيت ذلك الزمن الذي يضيع من وجهي فوق شاشة الكومبيوتر ابتسمت. ذلك الصبي القديم الذي كنت اتأمل صوره و اتساءل كيف لحقت هيئته بعمره فوق الورق اللامع، بينما المحيطون به، و الذين يلتقيهم صدفة، يعطونه عمرًا اصغر. ربما بدأ هامش الاختلاف يقل، و بدأ العمر—اسم تدليل زمنه الخاص، ذلك العمر القصير الطويل، يفرش ملاءته الحريرية الذلقة فوق وجه من كان صبيًا.

هذه الصورة هي الصبي القديم، ذلك المتهتك المبتسم عندما كان يليق به التهتك (مايزال يستطيع الابتسام و هذه اخبار جيدة)، و كأنما استعارت وهجة الفلاش ملاءة العمر التي تهفهف في افكاره دائمًا. فكرة الهلات السوداء التي حاولت افتراس الصبا من فوق الوجه ابهجت الرجل الذي ينظر إلي صورة تبدي فيها صبي علي عتبة الرجولة و التلكؤ في اخراج الذكر طلبًا للولد. لن يعجب ماط الشفتين، تقريبًا، ما اقوله هنا، و لكنني اعرف ما هو الزمن لكاتب شهد بحث بروست عنه، و ضياعه في متاهات بورخيس، و في تبديه مسخًا لكافكا، يزحف و التفاحة تهرس لحمه القبيح و تبطئه اكثر. ربما لن يعرف الكاتب أن كان ينظر للزمن أو إن كان ينظر في مرآة، و لكنه يعرف جيدًا أن الصبي في الصورة، ذلك الصبي الذي هو علي اعتاب الرجولة و اعتاب التلكؤ و اعتاب تمسخ الزمن، يُبرز تلك السن البيضاء من وسط تلك الشفتين، سن بيضاء عزيزة عن الظهور لأن الشفتين تعودتا علي الابتسام امام كل شيء و لكن ليس بإزاء الكاميرات.

لا يوجد عادة سوى شبح ابتسامة، تبديها فوق اطراف الشفتين و ارنبة الأنف و طلتها الخاطفة من العينين. تبدٍ خاطفٍ سيحير بروست و لن يقود جدران المتاهات القوطية لشيء. ربما فقط سيزيد ألم المسخ الذي ينزع التفاحة عنه احيانا، و يعود اميرًا يقبل الحسناء النائمة، ممسكًا بفردة حذائها بينما جلده يلتهم فراءه الذي كان.شبح ابتسامة، و صبي على اطراف كل شيء، و ماط حانق للشفتين، و كافكا صغير، صبي، يرقد مرتعدًا فوق ملاط شرفته المغلقة دون في عز الليل البارد، و كاتب احمق يسعد بلقطة فوتوجرافية تتبدى للوهلة الأولي آلة زمن تنغرس كخنجر في ظهر بروست الذي ربما هو يتساءل عن زمن شبح الابتسامة و كم لبث كافكا الصبي في شرفته، و ربما لو سمع عن ولع كورتاثر بالتصوير الفوتوجرافي لقتل الزمان الأب لعبس و تولى.

صورة فوتوجرافية تتبدى كآلة زمن يمكنها الانغراس كخنجر، و لكنها، و في الثانية الاخري التي تعقبها، رغم محاولات الصبي و ولع كورتاثر و تجويد مجدي، ستلامس وجه بورخيس الأعمى كملاءة حريرية ذلقة، بينما هو يتحسس جدران المتاهة القوطية، التي استحالت تلافيف ذاكرة عجوز لن تهم احدًا، و ربما لن تهمها هي من الاساس، و لن تتذكر صورًا لتعجب بها في يوم من الأيام المتلكئة كذكر متهالك، كان يومًا لصبي.

..............................................................

الصورة: محمد علاء الدين—جروبي—القاهرة. 30 أكتوبر 2006.

تصوير: مجدي الشافعي.

21 comments:

doha said...

حلو نتذكّر مراحل العمر يلّي قطعوا علينا بدون ما نوعا
و الأحلى التّفاءل والطمأنينة يلّي بيرتاحوا بقلبنا ويخلّونا مشرقين دايما

شكرا على هل البوست
خليتني ارجع ع طفولتي :)))

Anonymous said...

to7fa ya lolo bas mesh shayef en ehtemamak bnafsak ba2a fo2 el7ad? :p enta mrakez awi fi moh alaa i dont know if it is a good thing but i like it :)

Anonymous said...

خرجت من جلدي منذ عهد اطول من ان ادركه واقصر من ان احن اليه ولكنك بكتابتك عنك وعن الصوره والفتى الرجل الذي هو انت دفعتني للبكاء وانا التي هربت من مواسم الحنين وطقوس المراقبه منذ خرجت من صورتي التي اعرف والتي دفعتني نحو الغربه والتماهي والتخفي في هويات عديده ترقص بين الطفولة والنضج فلا تصل لهذا ولا تبتعد كفايه عن ذاك فشكرا لك لقدرتك ان تراك من خلال امتداد الزمن وانعتاق الملامح نحو عهد تقترب منه شارباو حليقا

Anonymous said...

له حق مجدي ماتعجبوش الصورة، انت طالع في الصورة أهبل، بجد مش باهرج معاك

Muhammad Aladdin said...

ضحي
شكرا علي رأيك، ايتها المشرقة الدائمة
:)

سمسم
مش ده اسمه بلوج شخصي؟
جربي
ahram.org

المجهولة
العفو.. العفو
:)
حاولي ان تجعليهم يبتسمون لوجهك الحقيقي، دونما اقنعة
:)
المجهول، أو المجهولة
يعني انت لما تكلف نفسك و تكتب السطرين دول بقيت فهيم اوي؟

nour said...

انا عاجبانى الصورة

Anonymous said...

ياحبيبي المشكله مش انك كبرت المشكله ان المصور اللي هو سي مجدي مابيعرفش يصور ماتخافش انته لسه قمر تحياتي ست مشمش هانم لوس انجلوس اجدع ناس

Anonymous said...

و يعود اميرًا يقبل الحسناء النائمة، ممسكًا بفردة حذائها بينما جلده يلتهم فراءه
ازاي يبوس البت وهو ماسك الجزمه مايلبسها الجزمه وبعدين يبوسها
ست مشمش هانم لوس انجلوس اجدع ناس

Muhammad Aladdin said...

نور
يخليكي ليا يا اميرة
:)

مشمش
ح اتعامل مع اللي كتبتيه علي انه تهريج.. و اوعدك ح احاول اضحك

^ H@fSS@^ said...

بجد كلام حقيقي يا محمد
بس وجعني فكرني بنفسي لما اقارن نفسي بصوري و انا صغيرة
يمكن لسه عندي نفس النظرة
نفس الروح؟؟؟لا اعتقد
لكن في كسور كتير باينة علي الوش و مهما ما تقلي الناس بالعكس وشك بيبي خالص بحس انه خلاص مضي عهد العهد يا ولدي

تحياتي

Anonymous said...

اشكرك على اللغة الراقية -جدااا- اللي ربما وصلت وجع كتييير بس خبت أكتر ...
و الأهم من كل ده الكواليس الداخلية اللي خرجت البوست ده أرجو إنك ما تتناسهاش، أحييك وفعلا حاسة إن محمد علاء مختلف في الصورة دي ..
ما بحبش أكتب اسمي أفضل التعامل معك عن بعد ...
تحياتي

Anonymous said...

أخيرا اعلق على البوست
بعد انتهاء فترة الاحراج من اننى مشترك فى هذا العمل
أنا فعلا ما باعرفش اصور فوتوجرافى
يمكن بارسم كويس
المهم مسش كده المهم الأفكار اللى مازلت بتثيرها يا علاء بقلمك الرشيق و فكرك المطأطا
أياً كان مدى
controversy
.. اللى بتعمله

أجدنى واقفا عند نقطة علاقة الانسان بصورته
بما أننى لست مغرما بصورتى - اللتى أحمد الله عليها ـ-
الَا أننى أتساءل: ألم تنظر للمرآة يوما و تساءلت مين ده؟
الم تر صورة لك و تقل : يانهار ابيض هو انا شكلى كده!!أو يا سلام هو الواحد وجيه كدهـ؟

فكرة أخرى تراودنى ان اهتمامك الزائد بال:
(morphology )
و الشكل الخارجى سيصيبك بالأكتئاب يوما ما و أنت تشاهد تجاعيدك تشق طريقها فى وجهك يوما ما
لابد من التعامل مع الحياة بدون مقاومة بل باندفاع
...
تقول لى يا علاء دائما انت شكلك ما يعطيش سنك أبدا
هل تعرف لماذا يا لوول :
-لاننى لا انزعج من سنى
-و لاننى لا اشاهد صورتى كثيرا
امنياتى لك ان ترى صورتلك بعد عشر سنين و عشرين سنة و..و خمسين سنة و انت سعيدا
و ألَا تتعلم الحسرة
فهذا ما يحطم نفسية النساء عندما يكبرن

مجدى الشافعى

Muhammad Aladdin said...

حفصة
يا ستي الشباب شباب القلب.. سيبك انتي
:P

المجهولة
اشكرك انت علي هذا الرد الراقي، و لا املك إلا أن اوافق علي التعامل من بعيد
:)

مجدجد
يا عمي انت مش بتعرف تصور، انت بتعرف تكتب كمان، و كومنتك ده هو الدليل
:)
علي العموم يا مجدي أنا كنت مجرد خدعة في البوست ده، مش قصدي أن الكلام اللي كتبته مش حقيقي، بس الخدعة في انه عن الذات بكل ما تحتويها من خصوصية، بس اظن أن الواحد هنا بيتكلم عن مستوي اعم، و هو القاسم المشترك بين البشر كلهم، و مستوي تاني اعلي و هو التعاطي مع الزمن ذاته، سواء كبشر عاديين أو ككتاب
و حتي في معالجة فكرة جذابة و حقيقية قد ما هي ميتافيزيقية زي الزمن بالبعد الفسيولوجي و النفسي، ح تلاقي أن فكرة افتقاد ما تمتلكه فعلا، أو حالة الحنين إلي حاضر. فكرة كانت متضفرة مع الفكرة الاساسية و الشايعة و البريئة عن الزمن، لأن اللي بيكتب عنده 27 مش 78
:)
المتن أنا و الفكرة عامة جدا، و أظن أن اصدق المعالجات هي اللي بتلاقي القاسم المشترك ده ما بينا كبشر من خلال الذاتية اللي ما تعنيش التهويمات و الإلغاز--إلا لو كان عمل بالغ الذاتية في اسلوبه (و بشكل فني كمان)، مش في قضاياه.. القضايا دايما عامة لأن القيم مطلقة
:)
حابب جدا اني اشوفك وقعت في فخ التعاطي مع الموضوع كشخصي بس، و سعيد اكتر انك وقعتني في فخ الكتابة علي هامش المتن الاساسي لأول مرة في حياتي
:P :P :P :P
و بالنسبة لشكلي، فبرضه ح اغيظك لما اقولك أن الحل السعيد برضه بيجي عن طريق التسليم العبثي بالمفهوم الاكثر عبثية: الرجالة كل ما بيكبروا بيحلوا يا استاذ
:P:P:P:P:P
بجد شكرا علي الكلام الرايق يا ابو الامجاد
:)

علاء

ربيع said...

زلقة بالزين و ليست بالذال

Muhammad Aladdin said...

أخ سبرينج
ذلقة لفظة صحيحة
و هي غير ما تقوله تماما
:)
ابحث في القاموس، و اشكرك علي الشعور
الطيب-- هذه الكلمات ليست بسخرية
:)

Anonymous said...

allow me to say .. you have a very special style of writing.. good luck & inshallah in the close future we will read your books every where (make sure you send some to Brussels/ Belgium) where i live !
Falastinia / Brussels

Muhammad Aladdin said...

اتمني ذلك ايضا
شكرا علي كلماتك الرقيقة
:)

ربيع said...

مظبوط ، و لكن المعنى لا يستقيم
ذلق تعني حاد ، و ذلق اللسان تعني حاد اللسان او سليط اللسان
بينما زلق تعنى ناعم او املس ، فالأرض الزلقه هي الأرض التى لا تثبت عليها القدم

Muhammad Aladdin said...

سبرينج
حسبتك لا تعرف كلمة "ذلاقة" ولم ادرك انك قصدت المعني "الذي لا يستقيم"، و بيني و بينك استغربت لِمَ لم تعترض علي
"ذلك العمر القصير الطويل"
مثلا؟؟؟
تحياتي مجددا

ربيع said...

طول العمر أو قصره مسأله نسبية ، و لا اعتراض لي على اراء الناس في النسب
حسبت انك أخطأت في البداية ، و لم اكن اعلم معنى ذلق ، و لما بحثت عنها وجدت المعنى لا يستقيم مع الملاءة الحريرية ، و دي بقى مافيهاش نسبية

Muhammad Aladdin said...

"و لما بحثت عنها وجدت المعنى لا يستقيم مع الملاءة الحريرية ، و دي بقى مافيهاش نسب"
الكتابة لا يوجد بها مطلق يا سيدي الفاضل، و ان كنت قد بحثت في المعجم مادمت لا تعرف الكلمة--بدلا من الاستسهال-- لكنت قد منحت نفسك وقتا للتفكير في مغزي ما يبدو لك متعارضا. و هذا الرد هو الاخير لي شخصيا في مثل هذا الجدل العبثي.. إن شئت اكتب ما تشاء.. الصفحة مفتوحة اهلا و سهلا