خولة مطر: عدم مشاركة المرأة في الحياة السياسية أمر محزن
لبنان / ربيع كلاس من بيروت
..
بدأت حياتها العملية كصحافية، ولكنها لم تكن صحافية عادية، بل شاركت في تغطية معظم الحروب التي دارت في
بدأت حياتها العملية كصحافية، ولكنها لم تكن صحافية عادية، بل شاركت في تغطية معظم الحروب التي دارت في
المنطقة العربية وكانت لها تجارب عدة في اليمن ولبنان، وفي الحرب العراقية ـ الايرانية, ختمت مهنتها في حرب البوسنة العام 1992 لتنتقل بعد ذلك الى العمل في المجال الانساني وما يخص الطفل والمرأة والعمال. عاشت طفولتها في البحرين وكان والدها يحلم ان يراها محامية نظرا لطريقتها في الدفاع عن حقوق الضعفاء والمقهورين بكل شغف وحب وإخلاص، لكنها اتجهت الى العمل في «منظمة العمل الدولية» وتنقلت بين القاهرة وبيروت وشاركت في ندوات عالمية وعربية عدة. انها المسؤولة الإعلامية ـ منسقة عمل الأطفال في منظمة العمل الدولية ـ الدكتورة خولة مطر التي التقتها اخيرا «الرأي العام» في بيروت على هامش مؤتمر نظمته منظمتا العمل العربية والدولية. ووصفت مطر عدم مشاركة المرأة الكويتية في الحياة السياسية بأنه «امر محزن» واعتبرت ان ما يحدث في الكويت «ضربة حقيقية لكل التاريخ النضالي للمرأة في الكويت». واذ رأت ان تجربة المرأة البحرينية مشابهة للتجربة الكويتية في هذا الخصوص اوضحت ان مشاركة المرأة العمانية في الحياة السياسية جاءت نتيجة «قرار سياسي» في حين اعتبرت ان المجتمع القطري «يشهد طفرة في وضع المرأة» التي استطاعت تسلم منصب وزيرة ورئيسة لكلية الشريعة. وتساءلت مطر عن السبب الذي يمنع تولي امرأة كويتية منصب وزيرة في وقت وصلت المحامية بدرية العوضي لتمثيل الكويت في لجان دولية معقدة «تناطح وتناقش مع خبراء قانون من كل دول العالم (,,,)» معتبرة ان ما يحدث في الكويت «امر محزن» وفي ما يلي نص الحوار:
• في احدى الندوات، دعوت المرأة الى الانتقام,,, من الرجل أم من ماذا؟
ـ على العكس، انا في رأيي ان هذا الحاجز او الهاجس بين الطرفين يجب ازالته. وفي المجتمع هناك نوع من القهر، ليس بين الرجل والمرأة، بل بين فئة في المجتمع تدعو الى مشاركة المرأة والحوار، وفئة اخرى لا تزال على الضفة الاخرى تعتبر ان المرأة لا يزال مكانها في المنزل، والمرأة لا تستطيع تحقيق شيء في سوق العمل على حساب اسرتها وعائلتها، ولا يزال البعض يقول ان المرأة حتى اذا وصلت الى مكان صنع القرار، فهي غير قادرة على اخذ اي قرار من دون ادخال مشاعرها وعواطفها. وثمة فئة اخرى على الضفة الاخرى، هي النساء اللاتي يطالبن بالمساواة، وهن يرون الصورة من الضفة الاخرى والتي هي احيانا ليست الصورة الدقيقة للمجتمع. فثمة جزئية من الحوار حول المرأة ومشاركتها، متروكة في ايادي نخبة من النساء وبعض الرجال، وهذه النخبة تتحاور في غرف مقفلة، وصوتها لا يصل الى المرأة العاملة ولا الى الرجل، ولذلك اعتقد ان ثمة فرصة كي يكون هناك انتفاضة لدور المرأة في الإعلام، كي ينعكس ذلك على المجتمع وكي تعطى فرصا اكثر. وكما نرى، ثمة مشاركة نسائية كبيرة في الإعلام اليوم ولكن الى اين ستصل هؤلاء في وقت يصل الرجال الى مدير تحرير او رئيس تحرير او رئيس نشرة في حين ان النساء قليلا ما يستطعن الوصول الى هذه المراكز والمناصب. واعتقد انه آن الأوان كي يأخذن مثل هذه الادوار.
• كيف تقرأين عدم مشاركة المرأة الكويتية في الحياة السياسية؟
ـ هذا امر محزن، لأن مسيرة المرأة الكويتية بالتحديد لها تاريخها ووصلت الى درجة عالية من الطموح والقدرة. فهناك الكثير من المعنيات في مسألة حقوق المرأة واجهن الكثير من بعض الفئات في المجتمع. ولذلك، فأنا اجد ان ما يحدث في الكويت اليوم هو ضربة حقيقية لكل التاريخ النضالي للمرأة. فعلى الرغم من صدور مرسوم اميري لتكون الدولة والحكومة معنية بمشاركة المرأة الا ان المجتمع الممثل بمجلس الامة والنواب يرفض هذا الامر فأعتقد ان هناك خللا في تمثيل الناس. وقد تكون المرة الأولى التي ندركها ان المجتمع احيانا يترك المرأة تتطور في اتجاه احادي ولكن لن يسمح لها بأكثر من ذلك.
•
وماذا عن المرأة البحرينية؟
ـ التجربة البحرينية مشابهة للتجربة الكويتية، وتاريخيا كان يقال ان هاتين الدولتين اكثر دولتين تقدمت فيهما المرأة، وذلك نتيجة لظروف تاريخية وليس لظروف اخرى وانا لا اؤمن ان المجتمع والناس مختلفان بل اؤمن ان التعليم بدأ في وقت مبكر في البحرين والمجتمعان الكويتي والبحريني وبسبب الحركة التجارية نظرا لوجودهما على الخط التجاري بين البصرة والهند كان التجار البحرينيون والكويتيون يحتكون بالكثير من الثقافات والحضارات. من هنا، نجد ان الكثير من الكويتيين من علم بناته في لبنان في «مدرسة الشويفات» وفي «برمانا هاي سكول» ولذلك حدث تطور خطير في وضع المرأة, وفي البحرين، شهدت المرأة تطورا مشابها، ولكن حتى في العمل السياسي، كان للمرأة دور كبير في هذا المجال، ولكن الملفت للنظر انه عندما ترشحت اخيرا نساء الى الانتخابات البرلمانية لم يصوت لهن احد، وحتى النساء، وحتى الحركة النسائية الممثلة في الجمعيات النسائية والتي اعتقد ان ذلك يمثل فشلا ذريعا للجمعيات لم تستطع ان تخلق حركة وحملة لمساندة المرشحات، ولذلك سقطت المرأة في البحرين، وتفاجأ الكثير من النساء بعدما سقطن بأن حتى النساء لم يصوتن لهن.
• ,,, لكن العمانية تمكنت من تبوؤ مناصب رفيعة، كيف ذلك؟
ـ المرأة العمانية وصلت الى مناصب عليا بقرار فقد حض السلطان قابوس بن سعيد على انتخاب المرأة وعندما وجد ان المجتمع لن يتجه الى هذا الاتجاه، وصل الى قرار مفاده: دعونا نعين النساء. وعملت الدولة كدولة ممثلة بالسلطان ومسؤولين كوزراء، للدفع والحث على ترشيح وانتخاب المرأة وهذا لم يحدث في مجتمعات اخرى. واذا رجعنا الى التاريخ في نظرة الى بداية التعليم في عمان او في قطر او في الامارات او حتى الى درجة ما في السعودية بالنسبة الى وضع المرأة، فأجد أنه في قطر اليوم، حدثت طفرة في وضع المرأة، مع العلم ان المجتمع القطري ليس متقدما على سواه من مجتمعات الخليج، ولكن القرارات السياسية جاءت لتخلف هذه الطفرة, اي جاءت قرارات بشكل او بآخر، وربما كانت هذه القرارات نتيجة وعي او ادراك ان هذا الامر قادم لا محالة. ففي قطر توجد وزيرة ورئيسة للجامعة ورئيسة لكلية الشريعة, وفي الامارات هناك وكيلة وزارة وغيرها، وفي البحرين لا توجد وزيرة، ووكلاء الوزارات من النساء معدودات، وهناك سفيرة واحدة في البحرين امرأة. وفي الكويت لا توجد وزيرة، في وقت استطاعت الكويت ان تكون لها امرأة تمثلها في لجان دولية معقدة. ففي منظمة العمل الدولية، كانت هناك لجنة تسمى بـ «لجنة الحقوق والمعايير»، وكانت فيها المحامية بدرية العوضي. فإذا كانت سيدة من سيدات الكويت بهذه الدرجة من العلم ان تكون في لجنة دولية عالمية، «تناطح وتناقش مع خبراء قانون من كل دول العالم»، فلماذا لا تستطيع ان تكون وزيرة؟
• ما تقييمك لفعالية النساء في المجال الاقتصادي؟
ـ مساهمتها في الاقتصاد لا تزال متدنية جدا في المنطقة العربية، مقارنة ليس بأوروبا واميركا، بل مقارنة بدول اخرى مثل الدول الاسيوية والافريقية، فنسبة مشاركة المرأة في اسيا وافريقيا هي اعلى بكثير من المرأة العربية، ونحن في اخر السلم في معظم القضايا، وهذه من القضايا الخطيرة اي نحن لا نزال في اخر السلم. • هل حصل الطفل العربي على حقوقه؟ـ عندما نتحدث عن مسألة الحقوق، اجد ان ثمة اشكالية في المنطقة العربية، ليس فقط على صعيد الطفل. لأن مسألة الحق كمفهوم في المنطقة العربية لا يزال مبهما ضائعا, فثمة اشخاص كثيرون يتحدثون عن «حقي، حقي,,,» ولا احد يعي ان الحق فيه مسؤولية كبيرة، وهذا الحق لا يؤخذ فقط بالصراخ، ولكن الحق يرْبى تحت جلد الانسان وفي جسده، اي هو جزء من الانسان, نعم نحن متخلفون في مفهوم الحقوق في المنطقة العربية، عن اوروبا. وهذه الجمعيات التي تطالب بمسألة حق الطفل وحق المرأة، هي في داخلها لا تمارس هذا الحق، بل انها تنتهك في داخلها الكثير من هذه الحقوق، وباسم الحقوق تنتهك الكثير من القضايا. وكي لا اكون متجنية عليها، اعتقد ان الكثير منها (اي الجمعيات) ليست مستوعبة لمسألة الحق ونحن في مجتمعاتنا العربية صار من السهل ان نتحدث بالشعارات ولا نمارسها (,,,) نطالب بالتغيير ولا نمارسه على الصعيد الشخصي. فقبل مطالبتنا بتغيير اي حكومة كنقابة عمالية او كفرق اتحاد او كجمعيات اهلية، علينا ان نمارس الديموقراطية داخليا، وقبل ان اطالب بتغيير المجتمع، اسأل نفسي انا كفرد ماذا فعلت من كل خلاصة تجاربي وليس ثقافتي؟ فثمة اشكالية حقيقية في مجتمعاتنا العربية، في التسلسل في الاسرة والتسلسل في الطائفة والتسلسل في القبيلة.
•
•
اخبرينا عن تجربتك الصحافية؟
ـ لدي تجارب كثيرة في تغطية الحروب، ففي 1986 كنت اعمل في وكالة الـ «اسو شيتد برس» في المكتب الاقليمي في البحرين عندما بدأت احداث الحرب الاهلية في اليمن الجنوبي، وارسلتني الوكالة لتغطية تلك الحرب, فحاولنا الدخول من اليمن الشمالي فلم نستطع ، ثم توجهنا الى جيبوتي حيث نقلتنا سفن حربية الى عدن، وكنا نحو 350 صحافيا وكنت انا العربية الوحيدة بين الرجال والنساء، وكان هناك 3 نساء اخريات واحدة تعمل لـ «نيوزويك» واخرى لـ «فاينا نشال تايمز» والثالثة لم اعد اذكر في اي مؤسسة صحافية. وكانت هذه التجربة مثيرة جدا، رغم اني لم اكن اتنافس مع احد اخر، الا ان المنافسة الحقيقية كانت بين وكالتي «اسو شيتد برس» و «رويترز»، حيث انه لم تكن قد بدأت بعد طفرة الفضائيات, وكنت انا العربية الوحيدة، وفي لحظة من اللحظات شعرت ان كل الاعلاميين يريدونني ان اكون معهم في اي شيء.وكنا مع جنود بريطانيين على فرقاطة «جوبيتير» التي ارسلتها الملكة اليزابيث لنقل اللاجئين من عدن. ولدى وصولنا الى ميناء عدن، كان القصف عشوائيا، والتقيت بلبناني من الهاربين من الحرب في عدن، وقال لي ان ما شاهده في عدن اسوأ بكثير من الحرب اللبنانية. ومن هناك، نقلتنا مروحية عسكرية ولبسنا ملابس الجنود البريطانيين، ونمنا مع اللاجئين في غرفة طعام، ولكن استطعنا نقل صورة حقيقية عما يحصل هناك الى العالم عن طريق الهنود والباكستانيين والصينيين، والروس منعوا من التحدث، فكان الرد من «اسو شيتد برس» في اميركا مثيرا للغاية، وانا كتبت ذلك في رسالة الدكتوراه التي قدمتها، اذ انهم طلبوا مني بما معناه: FIND AN AMERICAN، فقلت لهم انه لا يوجد اي اميركي في عدن، وهنا نستطيع ان نلمس الكثير من الجهل لدى الاعلام الغربي عن تاريخ المنطقة، ومن الصعب ان تشرح لرئيس التحرير او مسؤولي نشرة الاخبار وتطلب منه العودة الى كتب التاريخ لمعرفة ان عدن دولة اشتراكية. وطلب المكتب في واشنطن ان اجد اميركيا واصوره يدعى جون اومايكل فقلت لهم انه لا يوجد اي اميركي، فطلب مني احضار بريطاني فقلت لهم ان من بين الذين هربوا لا يوجد انكليز، فطلب مني العثور على فرنسي او اي اوروبي,,, واخيرا قال لي: FIND A WHITE MAN، تحدثي مع رجل ابيض كي تستطيعي ان تنقلي الخبر منه (,,,) وكأن الصورة والخبر اللذين ينقلهما باكستاني او هندي او اي شخص من دولة من الدول النامية، يكون ايضا اقل مصداقية من الحدث او الخبر عندما يأتي من غيره، وهم لهم وجهة نظر بأن المواطن الاميركي الذي يطالع الصحف لن يعني له الامر في حال كان باكستانيا يتحدث، ولكن في حال قرأ عن اميركي او بريطاني او فرنسي، فمن السهل له قراءة الخبر، ولكنه لا يستطيع ان يتلقى الخبر من هندي او باكستاني او حتى من عربي. عاش اهلي حروبا كثيرة، فالحرب الاهلية في لبنان شاركت في تغطيتها، كما غطيت الحرب العراقية ـ الايرانية على الحدود في البصرة، وفي الشمال مع الاكراد، واخيرا شاركت في تغطية حرب البوسنة عام 1992 قبل ابتعادي عن الصحافة والعمل في هذا المجال
................................................................................
الحوار بتاريخ 24/1/2004
صار بالفعل في الكويت وزيرة الآن
1 comment:
What a great site » »
Post a Comment