...من محاورة بلا جدوي بين ابليس و ميكائيل

اجلس إليه و انا حائر. لا يعي هو ما يريد، و إن وعي فلن يقدر، و إن قدر فلن يغفر، و إن غفر فلن يعيش. لماذا تفعل ذلك بنفسك يا رفيق العمر؟ لماذا تعذب نفسك بكل ملا تطيق و لا تريد؟ لماذا تصر علي ميثاق حب استحال إلي حكم عضوض و استبداد مقيت؟

لا افهمك، و لا اطالبك بأن تفهمني. فقط اطالبك بتفهم نفسك. لقد شققت طريقي رغم علمي بكل ما يحيط به من حفر و وهاد و كهوف. اخترت طريقي و انا اعلم يقينًا أن مصيري هو دق عنقي. حريتي تساوي دق عنقي ألف مرة. مليون مرة. مليون مليون مليون مرة. لِمَ لا تسل عن حريتك ايضا يا من كنت رفيقي؟ أنت تعلمني جيدًا و تعلم كم كنت احب ما كنا فيه.. و لكنني لم اقدر.. لم اقدر يا اخي. لم اقدر أن اطيع عندما كانت الطاعة إلغاء وجود لم يُبق لنا سوي الفتات. اعلم انك بداخل قلبك لا تدينني و لا تمقتني..إذن لِمَ اغلقت قلبك دوني يا من كنت رفيق الضياء و الجلال و السمو؟ قد تقول أنني اخترت كل ما هو مظلم و بغيض و شرير.. يمكنني أن اوافقك..و لكنك تعلم انني لم اكن في يوم ظالمًا و لا بغيضًا و لا شريرًا.. أن اكون حرًا--ولو لميقات معلوم--لا يعني انني كل هذا.. حريتي تساوي كل ما تقول يا رفيق، إذن لِمَ لا تساو لديك حريتك كل شيء؟

عندما كنا نجلس بجوار البحيرة المقدسة، عندما كنت تصمت و تشرد. عندما كنت تبتسم و تقول اشياء بلا معني. عندما كان الحزن يأكل عينيك. كنت حزينا يا اخي منذ خُلقت، و الامر لم يكن بيدك. عندما كنت تسير وسط الخمائل لتجعل الازهار تشرأب نحوك. عندما كنت تغني فتصمت عدن. عندما كنت تشير لي و تضحك. كنت تكرهني يا رفيق مثلما كنت تكرهه، لأننا كنا احب الرفاق لقلب سيدنا.عندما غضبت فغضب عليّ السيد كنت اعلم ان قلبك يرقص بين ضلوعك، و لكنني كنت اعلم انك لا تديني و لا تكرهني، فلم اكرهك. لم اكرهك يا اخي لأنني لم اكره احدًا منكم. لم اكرهك و لن اكرهك، فقط عندما تختار حياتك.. فقط عندما تختار حريتك.. فقط عندما تختار كرامتك