كنت جالساً باسترخاء علي كرسي القطار الوثير. لا يوجد الكثير من المسافرين في عربتي المكيفة، و بذلك تمتعت ببعض الهدوء طوال الرحلة. مضي وقت ليس بالقليل علي مغادرتي المحطة الأخيرة قبل الوصول إلي مدينة "ز". نظرت عبر النافذة في محاولة لتبين الطريق خارجاً فلم أفلح غير في رؤية صورتي المنعكسة علي الزجاج. الظلام قاتم بالخارج.
شاهدت أحد العاملين في خدمة القطار يدلف إلينا من حيث تكمن كابينة القيادة – كنا العربة الأولي في القطار – و يمشي بابتسامته العريضة طالباً منا ثمن المرطبات و الشطائر التي تناولناها لإغلاق حسابه قبل الوصول. سألته و أنا أناوله ثمن الشطائر السيئة عما تبقي من زمن. أجابني بأنه لم يبق لنا سوي ربع الساعة قبل الوصول إلي المدينة. ابتسمت له بدوري و قلت له أن احتفظ بالباقي. بعد قليل كنت أخرج إلي حيث ترتبط المقطورة بباقي العربات لأدخن سيجارة. تبعني راكب أخر و أشعل مني سيجارته ثم أخذ ركناً ليدخن في صمت. حركة القطار الرتيبة جعلتني أدخن في هدوء و قد غشاني شعور بالأمان. رأيت مساحات شاسعة من المزارع علي الجانبين ترقد هي الأخرى صامتة بلونها الأسود في الليل. حييت الراكب الأخر ثم رجعت إلي مقعدي. لاحظت أن أغلب الركاب قد خلدوا إلي النوم. بعد فترة أخري رأيت عاملاً أخراً يعبر العربة في طريقه إلي كابينة القيادة. سألته عن الزمن المتبقي فرفع ساعته إلي عينيه و أجابني بأنه ربع الساعة تقريباً. كنت أحس برغبة في التبول فسألته مجدداً أن كان هنالك دورة مياه. أجابني ببعض الحرج أن دورة المياه الوحيدة هي في مقطورة القيادة المغلقة بأحكام. ابتسمت له شاكراً.
خرج الراكب الأخر و حياني بهزة من رأسه و هو يتجه إلي مقعده. رددت له التحية و مددت يدي إلي الحقيبة لأخرج بعض المجلات التي ابتعتها في احدي المحطات من بائع متجول. كنت لا اشعر برغبة في القراءة – و هذا سبب إدخالهم إلي الحقيبة أساساً- و لكنني لم أجد بديلاً غير ذلك . مضيت في تصفح المجلات لفترة حتى أبصرت عاملاً ثالثاً يعود من الكابينة، فعاجلته بالسؤال المعتاد، فأجابني بالإجابة المعتادة. قلت له أنني سمعت ذات الإجابة مرتين، فأعتذر منحنياً قليلاً و قال أن القطار تأخر قليلاً. شكرته و دسست عيني في المجلة التي كانت في يدي. نظرت حولي فوجدت أن كل الركاب قد تملك منهم النوم حتى زميل التدخين. أدرت رأسي ناظراً إلي حيث النافذة و تأملت الوجه المنعكس عليـها. بدا لي أكثر عجزاً و إرهاقاً. دخل إلينا العامل الذي سـألته عن دورة المياه، تلامست نظرات العينين فكاد أن يبادرني بالطمأنة المعتادة و لكنني ابتسمت ابتسامة صغيرة، مبادراً إياه أن للمدينة "ز" أن تأتي في الميعاد الذي يروق لها
.
.
(من المجموعة القصصية الاخيرة: الحياة السرية للمواطن م)
5 comments:
;) I want that. Can I buy it in Kuwait?
بدّي إفهم، ليه دايماً أبطالك بيحبّوا يدخنوا بشراهة؟ ما في عندك أبطال ممتنعين عن التّدخين؟ :)
مبروك عالمجموعة الجميلة :)
صدرت و لا لسه ؟؟
------------------
لو طلعت اقل من المتوقع منك ، هتبضن كيك يا علاء الدين
انت بالذات متوقع منى شغلك مختلف وحلو
بيش
فيه في كل حته
:)
ايف
ابطالي حته مني.. و طبيعي انهم يكونوا مدخنين عتاة.. و الله يبارك فيكي مع انها لسه ما اتنشرتش
ابليس
لا لسه.. هي خلصت في ديسمبر اللي فات، و لسه ما اتنشرتش، و اظن قدامها فترة..بالنسبة للمتوقع مني، فأنا معرفهوش علشان اقولك.. ربنا يكرم علي العموم
Keep up the good work
Drugstores online.com site 707557 Saveon drug store location Tapeworm jpills for cats without prescription Apartments houses for rent kingman arizona xanax medication S2fdeath europe zyban Cheap dental plans ophthalmoplegia H and m maternity clothes http://s8rpv673k.blogspot.com/
Post a Comment