عندما رأيته لأول مرة، كنا في ورشة كوميكس (قصص مصورة) ذات تمويل دولي. شخص اربعيني مهذب، انيق بطريقة ملحوظة. نبرة صوته هادئة وائقة، و لها حضور طاغ يصعب نسيانه. اريحي و مرحب بطريقة تجعلك تشك في البداية، و لكنك ستنتهي مقتنعًا بصدقه و نقائه. صيدلاني ماهر، يبدو ذلك من عمليته التي لا تقتطع سنتيمترًا من شهامته. و فوق كل ذلك، رسام موهوب
لم اقل اهم ما ميز مجدي الشافعي في اول يوم رأيته فيه
شاربه
كان شاربًا اسطوريًا مهيبًا، ينتمي إلي زمن النشامة و المغاوير. شارب يرقد علي ضفة صاحبه الشمالية مزهوًا فخورًا
و بعد اقل من بضعة اشهر علي انتهاء اعمال ورشتنا، كان هذا الشارب في خبر كان
مجدي الجديد، ذو الشارب الحليق و المظهر الطلق المتحرر من ثقل الكرافات مهما بلغ غلو ثمنها، و ضحكة مجلجلة احتفظت بروحها بعد فترة من التجديد شبه الشامل، الذي لم يطل جديته
و مع الانقلاب العسكري الحاسم علي شاربه، انطلق مجدي الشافعي ليرسم سلسلة قصص مصورة تعتبر من العلامات في مجلة علاء الدين، و هي ياسمين و امينة، و التي يكتبها صديقي و رفيق الجامعة وائل سعد( و اعترف بأنني في اعماقي افخر بكوني سببًا سببه الله لمقابلة الطرفين). يرسم مجدي كجواد بري جامح، جواد يحترف الالعاب و يدمن العبث. و لكنه لعب ليس كاللعب، و عبث ليس كالعبث، لأن نتيجته هي صفحات مليئة بالحيوية و الابداع، و كأن جزءًا اصيلًا من روح مجدي قد شقت طريقها شقًا لترتمي علي الورق. مستر هايد الذي لم يكن قبيحًا علي الاطلاق، هي شيطنة و شعننة تختفي وراء مجدي الشافعي، الصيدلاني الوقور ذو النظرة النفاذة و الابتسامة الناعمة
و ككل بئر مليئة بالاسرار غالية الثمن، يخفي مجدي طبيعة مضطربة، مليئة بالثورة في اعماقه. هي روح تدميريتها تهذب بالفن و بالجمال، و بضحكات صافية يطلقها صاحبها علي قفشة مبتكرة، أو علي مشهد موحي
عندما كان شابًا، فعلها ابن الشرقية و ارتمي في احضان باريس، و هو بعد في مبتدأ العشرينيات من عمره. جلس في مونمارتر ، عاش حتي نفدت نفوده فأخذ يرسم الاسكتشات لعابري الشوارع مقابل مبالغ بسيطة. الصعلكة في اكثر اطوارها إهلاكًا و شبقية في آن واحد
و عندما رجع مجدي إلي وطنه، ليستكمل دراسته في كليته المرموقة، كان قد تخلص من شيء، و اوهم اهله ان قد تخلص من الاخر. الاول هي نظارته الطبية التي سئمها، و الشيء الثاني هو الفن
كان مجدي يعلم جيدًا انه سيرجع للفن، و لو حفظ اسماء جميع المشتقات الكيميائية في العالم
حياة طويلة تبدو قصيرة، قضاها مجدي الشافعي ما بين الزقازيق و القاهرة و باريس، و تنوعت ادواره الاجتماعية من عازب إلي اب و من طالب إلي صيدلاني، و من صيدلاني إلي رسام، و من رسام إلي كاتب لسيناريوهاته في مشاريع اخري. حياة غزيرة بكل معاني الحب و الجمال و الشقاء و الحزن ، و تماهت
آلام الفقد مع لذة اول قبلة في شوارع المدينة العتيقة. حياة جديرة برسام عظيم، و إنسان اعظم
........................................................................
البورتريه بريشة مجدي الشافعي ، ممهورًا بكلمات صغيرة عن نفسه
8 comments:
غريب انك رأيت هذا التعليق رغم حذفه
أما عن العتب و الاندهاش فأظن أن ذلك له حديث طويل، لا توجد المساحة المناسبة له هنا
و انتي من اهله يا إن، و أهلا بعد غياب
عاجبني البورتريه، إسلوبه بسيط وخطوطه مش مألوفه عندنا، وهو ده الجميل فيها
لو كان القلم قلمى لكتبت عن مجدى الاخ و الصديق والانسان ليضيف الى احساس القارى كم ندرة هدا الانسان فالشرقاوى الصيدلانى الفنان و الرسام لا تكن شيئا بجانب كم الاخلاق الحميدة فى هدا الكيان الراقى الدى مع مر الزمان لايمكن ان يكون فى طى النسيان
شكرا يا لووووووووووول على اللحظات الثمينة التى اعطيتها لى لقد جعلت من حياتى البسيطة قطعة فنية جميلة أكاد اقول لك أننى لم أشعر بأننى موجود بهذا الكيف من قبل....
" هو أنا كده؟؟"
اننى محظوظ بان اترك هذا الأنطباع لدى الناس .. و لو حتى القليل من الناس .........
أو فقط من نحب من الناس...........
هذا من احلى ما فى البلوج بتاعك : كيف ترصد أيامنا و انفعلاتنا..أفراحنا و أتراحنا...أتمنى أن أرى المزيد تعليقاتك على ايامنا العادية التى تجعل منها لقطات أدبية لذيذة.............. و شكرا للزميلة العزيزة راندا ال anonymous
و شكر ل
Ghada said
على رأيها انشا الله الشغل الجاى يعجبكم أكتر
مجدى
اخويا الكبير مجدي
تستحق اكتر من كده مليون مرة، و مش ح اتكلم اكتر من كده لأن تواضعك الجم--اعترف--ساعات بيزعجني.. لأن مجدي الشافعي يستحق كل ده و اكتر
:)
شكرا للأستاذة راندا علي زيارتها.. نورتي البلوج يا فندم
:)
شكرا يا عم عمر، و متشكر علي كلامك الجميل ده
:)
أحب هذا الأسلوب كثيرا في الرسم . وسعيد لاكتشافي هذه المدونة الرائعة .
ياريت بقى تشرفوني في مدونة الكاريكاتير الخاصة بي
http://www.caricatooz.blogspot.com
مع خالص حبي واحترامي
د. أشرف حمدي
Best regards from NY! » » »
Post a Comment