designed by: M. Aladdin & H. Fathy

Thursday, June 09, 2005

في حضرة علي بدرخان

لما دخلت ميريت النهاردة، كنت متأكد اني عارف الوش ده
فضلت قاعد متابع و هو بيكلم هاشم في تعديلات علي حاجة مش عارفها. بيعدل بقلم رصاص حاجات انا مش شايفها بحركات ايد انيقة. شعره الناعم الرمادي و عينيه الذكيتين انتبهتلي، لما اتنحنحت و قلت بهدوء شديد
"الاستاذ علي بدرخان برضه؟"
ابتسم و هز دماغه أي نعم. و لأنه--للأسف--بيسمع بودن واحدة بس، رغم انه مش كبير ابداً، فهو غالباً مسمعش كل الكلام اللي انا قلته فيه و افلامه. ختمت بأنه--طبعا--مش محتاج لمدح أو تأكيد لموهبة من شاب صغير زيي
شكرني علي "الكلام الجميل"، و بعدها انطلقنا في حوار مش طويل و مش قصير عن السينما و الأدب، و طبعا.. طبعا.. عشت ف دور بوذا و قولتله نظرية انا "مألفها" عن جزئية صغيرة في العلاقة ما بين الأدب و الشاشة
رأيي كان بيقوم أن الكاتب العظيم ممكن يبان جدا في مسألة الأجرومية، يعني امتي يحط نقطة.. امتي يحط فاصلة.. امتي نقطتين. الأيقاع. ده بالنسبة لي مهم جدا جدا جدا. هي هي مسألة امتي اعمل في السيناريو كت؟ امتي اعمل ديسلوف، او فيد إن، أو فيد أوت
يعني، كمثال تطبيقي، النقطة عندي في الكتابة هي الكت العنيف. النقطين هي الديسلوف.. لازم يكون الكاتب عنده الوعي بده
وافقني علي كلامي، و ده كان شرف كبير ليا، حتي لو افترضنا انه مجامل
و بعدها كلمني عن فكرة الحرفة في مسألة السيناريو، فضربلي مثل بأنك ممكن تنقل فيلم بالكادر.. بس مع كده تنقله وحش.. سألني يا تري ليه؟ قلتله يمكن لأن النقل بيتاخد من انماط ثقافية مغايرة مثلا؟ قالي ممكن طبعا، بس انا قصدي الحرفية، يعني لازم يكون السيناريست حرفي.. يعني لما ينقل يبقي حابب اللي بيعمله.. يعني يبقي عارف: هو حابب المشهد ده ليه؟ ايه اللي صنع جماله؟ لو فهم ايه اللي صنع جماله ح ينقل الفيلم صح، و لو مفهمش ح ينقل الموضوع من بره، و النتيجة ح تكون فيلم واقع
كانت قعدة جميلة جداً، و اللي كان اجمل منها هو تواضعه الشديد، يعني الحاجة اللي ح اقولها تافهة صحيح، بس الكلام اللي زي ده بيأثر فيا جامد: الراجل قام من مطرحه و ولعلي سيجارتي.. مكنتش عاوز اتعب مخرج كبير بالشكل ده، و اعترف بأن حميميته و بساطته ادهشوني
الغريبة اني كنت بسمع عنه اساطير عن غرابة اطواره، و بيني و بينكم، الشخص المتسق بالغ اللطف اللي انا شفته هو صورتي الرومانسية عن غريب الأطوار.. العنيف.. القاسي
مرة واحد صاحبي حكالي انه--علي بدرخان--بعد محاضرة ليه ف معهد السينما سمع طالب بيقوله حاجة كده فيها تجاوز عن علاقته بسعاد حسني.. يعني حاجة زي "يا بختك انك كنت متجوزها"، و هنا، الشخص اللطيف الهامس ده، شد الولد من القميص.. و طلع مسدس.. ايوة: مسدس.. و لزقه في راس الوله و قاله بلهجة باردة، محايدة
"أنا ممكن اقتلك دلوقت"
كانت الحكاية دي بتدور في عقلي و انا بضحك علي نكاته و افيهاته المتقنة، كلامه الهامس، ذكاؤه الشديد اللي بيطل من عينيه. انسان وديع و راقي، لدرجة انه لما يقول كلمة زي "المتسولين" بيعتذر عنها
المصادفة الغربية بقي في اني كتبت في البوست اللي فات حاجة عن مصر.. و النهاردة لا قيت بيان اعدته مجموعة من خيرة كتاب البلد و فنانيها، و كان هو ده اللي كان "بيشذبه" علي بدرخان
مضيت بأسمي، و نقلت تعديلات بدرخان علي ورقة تانية بخطي، تحت طلب من هاشم، و انت مادام وصلت لقراية السطر ده من البلوج، يبقي اكيد قريت البيان، اللي انا ناشره هنا في بوست منفصل
سلم علينا و هو ماشي.. شكرته علي الوقت الجميل ده.. مكنتش متأكد انه سمعني كويس، و هو بيبتسم و بيهز راسه، قبل ما يخرج من باب ميريت العتيق