designed by: M. Aladdin & H. Fathy

Monday, July 22, 2013

الوطن الانتقالي


نحن في غمار المرحلة الانتقالية من عهد لعهد ومن رئيس لرئيس، لا توجد مبالغة في الأمر ليس لدواعي الزمن واحكام البيولوجيا (الرئيس مبارك في اربع ارابيع ربيع العمر)، ولكن ببساطة لأن مصر أساسا في فترة انتقالية دائمة، من بلد محتل لسلطنة تحت الانتداب لمملكة تحت ذات الانتداب لحكم مؤقت لضباط ذوي حلل عسكرية ثم حكم مؤقت من ضباط خلعوا الملابس العسكرية. من ليبرالية انتقالية لشمولية انتقالية لحرية نباح انتقالية، من تعليم غير مجاني انتقالي لتعليم مجاني انتقالي لانعدام تعليم انتقالي، من دستور انتقالي لدستور دائم انتقالي إن لم يتغير بتعديل تعطل بحكم طوارئ انتقالي أيضًا. وتخيل المفكرين الانتقاليين (من علماني لإسلامي ومن يميني ليساري وحتى من فوق إلى تحت) بالإضافة لكل "الانتقاليات" لتدرك أن الضحية الدائمة في كل عهد وفي كل رئيس هو ببساطة كل جيل يضطر إلى تعليق أحلامه على مشجب الديمومة المنتظرة ليكتشف بحكمة السنين في النهاية أن الدوام لله وحده. حتى الأحلام لا تتغير وفي مواجهتها شيء انتقالي ما لا يتغير أيضًا، والحل هو الحشيش أو الكحول أو الانتحار أو محاولة الهرب أو العادة السرية (الجنس أصبح لذوي الحظ الحسن) وسيقولون لأنفسهم هذا حل انتقالي أيضًا، ربما سينقلبون لتدين البعير الذي يحمل أسفارا ووقتها سنقول نحن لأنفسنا أنها فترة انتقالية بالطبع. حتى عندما تزدهر مبيعات الكتب ولو بقليل فسيدرك بعضنا أنها فترة انتقالية، بالضبط كما نعتبر الدنيا بحالها دار شقاء ننتقل بعدها للدار الآخرة فلا نقابل لا رفعت السعيد ولا صفوت الشريف ولا ممتاز القط ولا حتى عبد الحليم قنديل. أو ربما نشك في ذواتنا كمرحلة انتقالية لم يكتشفها دارون ما بين القرد والإنسان. مواطنون انتقاليون في وطن انتقالي كالعابرين في كلام عابر على رأي محمود درويش. مات درويش واستراح ولكن هذا الوطن سيعيش، وللأسف هذه هي المشكلة.
.....................................................
مقال كتب في 2010 ورفضت الشروق نشره، وبعد سنتين من ثورة عارمة انشرها كما هي، لأنها ما تزال صالحة، للأسف..