شوية تراب حلوين...

زي شوية تراب كده بتطير حياتي من أرض لأرض.

شوية تراب، تراب برئ، معندوش أي جريمة، أو أي وعي بجريمة، غير انه تراب. شوية مية ممكن تقلب حبة منه لطين، طين ممكن يطلع وردة أو يوسخ توب. طول ما التراب بيطير كده، تساهيل، من حتة لحتة زي عسكري المراسلة، مش ح تكون فيه مشكلة. المشكلة بتبدأ غالبا لما التراب يستوعب المسألة، ويبتدي يدوش دماغه ودماغ الارض بالموضوع.

المشكلة بتبقى مأساة، لما التراب بيتهيأله انه اكتر من شوية تراب، ويحاول يهذي حبتين، وكل ما السنين بتفوت كل ما يكتئب لأنه شايف نفسه اكتر من كده. بيقرب زيادة زيادة للسكون النهائي، اللي شايف هو انه ما يستحقوش.

بس الحل في ان التراب يعرف انه شوية تراب حلوين، مش اكتر.

ساعتها مش ح يحس ان الموت ظلم، أو أن الشيخوخة عذاب، أو ان الكون مش ممكن يغير ناموسه علشان حبة تراب مش اكتر. لو فهم ده، من غير عقد نفسية ولا اكتئاب يعني، ح يريح ويرتاح.

ولما يريح ويرتاح، ح يبتدي يحب نفسه اكتر، ويقدر اللي حواليه اكتر، ويشكر كل ارض فات عليها، وكل هوا شاله من بعيد لأبعد.

لما يريح ويرتاح، ويحب ويتحب، وحتى لو كره واتكره، باخلاص للحياة، يمكن لما يتدفن في بطن الأرض، في وسط التراب الكبير الخطير، يمكن لو كان حظه حلو، ولو مكبر دماغه كفاية، تطلع على وش الأرض، من مكانه، وردة.

كل سنة وانا طيب، وكل سنة وكل الناس اللي كانوا ملح الأرض لحبة تراب خايبين بخير وبصحة وبسعادة وهَنا..

.....................................................

الصورة: محمد علاء الدين- 9 اكتوبر 2008

تصوير: أحمد مراد.