على حافة الكون، يقف المدوِن.
ربما يكون باحثاً عن حقيقة ضائعة أو راغباً في لمس سقف السماء بإحساسه وترصيع ملابسه بنجمةٍ أو أكثر، أو حالماً بحرية النفس أو الوطن، أو صاحب رأي وموقف وقضية.
هنا ترتدي المدونة عقل وقلب صاحبها، ليصبحا في إيقاع موسيقي عذبٍ الحلقة المفقودة في دورة الحياة ونشأة الإنسانية .
والتدوين تنوعٌ، مثلما أن الكتابة فعل التزام.
وفي فضاء التدوين، تجد البشر قادرين على تجاوز حدود عالمهم الصغير بالكتابة عن قضايا وهموم وتحدياتٍ لا تعد ولا تحصى، والوصول بأفكارهم ورؤاهم إلى أربعة أركان الدنيا..فالكلمات لها أجنحة.
ربما كان هذا السبب وراء انحياز كاتب هذه السطور لتجربة التدوين بشكل عام، خاصة أن مساحة الحرية أكثر اتساعاً، دون رقابة أو قيود تذكر، على الأقل حتى الآن.
ولعل أبرز ما شغلني عند بدء تلك التجربة، هو ذلك التاريخ الضائع الذي يعاني الإهمال ويفتقد الدقة والقدرة على التوثيق. من هنا، كان اهتمامي الأول هو محاولة جمع أوراق تاريخ مصر المبعثرة، لتبيان الحقائق ورصد الأحداث قدر الإمكان.تاريخٌ من المظالم الاجتماعية والسياسية، والمفارقات المضحكة والمؤلمة معاً، والنوادر التي تستحق أن تُروى، والتي تثبت أن في بلادنا الآن أكثر من "مصر".
أمصارٌ من كل نوع ولون، تخوض صراعاً لا ينتهي، بعضها تقوده شهوة الثراء، وبعضها الآخر يتمنى نعمة البقاء، وما بين فكي الرحى شعبٌ راح يتساقط تحت وطأة العطش والفقر والبطالة وأمراض الكلى والكبد والأوجاع النفسية والعوز والتفكك الأسري، التي تلقي بفلذات الأكباد إلى غيابة الشوارع والطرقات المتوحشة.
وعاشت الدولة في السنوات الأخيرة في حالة صدامٍ دائم مع المجتمع بفئاته المختلفة، فالدولة غائبةٌ عن حياة المصريين اليومية، لا تظهر إلا في الكوارث، وتغيب حين يكون مطلوباً منها أن تمنعها أو تواجهها قبل وقوعها. فالمصريون يموت منهم كل عام حوالي ١٠ آلاف قتيل في الطرق وحدها، ولا أحد يتحرك بمن فيهم الناس أنفسهم، ويغرقون في العبارات النيلية، وليس فقط عبارات البحار وهم لا يتحركون، وينهار نظامهم التعليمي ويعيشون في فوضى وعشوائية أقرب إلى المهزلة، ويُستنزَفون منذ الصباح وحتى عودتهم إلى منازلهم في مشاجراتٍ ومشادات وجدلٍ لا ينتهي مع بعضهم البعض، دون أن تحكمهم قاعدة قانونية واحدة تنظم شيئاً واحداً في حياتهم.
وهكذا عاشت مصر عصوراً انتشرت فيها ثقافة المسكنات والمهدئات، حتى في الحالات التي كانت تتطلب بتراً أو جراحة عاجلة، لأن أهل المصلحة في بقاء الحال على ما هو عليه رأوا أنه لا ضرورة للإصلاح في مجالات ومناحي الحياة، حتى آلت الأمور إلى ما نحن عليه الآن من تدهورٍ وضياع للدور والمكانة والتأثير.
(من مقدمة المؤلف).
...................................................
تجدون إصدارات ميزان في سراى 4- جناح دار ليلى.
و عقب المعرض في المكتبات الكبرى بالجمهورية.
كتاب ميزان : إصدارات مستقلة يصدرها مؤلفيها.
3 comments:
مش ح اقدر انشر رأيى هنا حتى لا يعتقد قراء مدونتك الكرام اننى
أطبل لك و ما الى ذلك من المجاملات اللزجة اللى بتقرفنى لما أبص على بعض المدونات او جروبات الفيس بووك
و بما أنى أحترم مدونتك وقراءها
لذلك سارسل لك رأيى قريبا
مجدى الشافعى
الفلاف بديع
ومن المقدمة المحتوى شكله هيكون جامد
بالنجاح إن شاء الله
مبروك يا عزيزي علاء.. لي ولك
مبروك لنا على بذل جهد متواضع لكسر حلقة الناشرين الذين يفرضون شروطهم وينحاز بعضهم إلى التفاهة بطريقة تثير العجب
الحمد لله يا صديقي أننا بدأنا الخطوة الأولى..وأتمنى أن يتواصل الإنجاز
Post a Comment