.. لبناني

شاهدت منذ قليل الحوار الرائق ما بين جيزيل خوري و العظيم الكبير غسان تويني. ضرب تويني مثلًا عظيمًا في العقلانية و الوطنية و الهدوء و التبصر. اختلف شخصيًا في نقطة أو نقطتين فيما قاله تويني، و لكن هذا هو القصد و المقصد: الرجل في الاختلاف كان لبنانيًا بمعني الأمانة، لبنانيًا بمعني الشجاعة، لبنانيًا بمعني الامل و الحكمة. لمن يعرفون سيرة تويني فالرجل لم يكن لا من مريدي سوريا و لا من مريدي حزب الله، بل أن خلافه مع سوريا و حزب الله قد وصل إلي مناطق مريرة، و لكن هذا الخلاف لم يمنعه أن يكون رائقًا حكيمًا في حواره مع مذيعة استغلت كل النقاط الممكنة لإدانة حزب الله و المقاومة بينما الحرب ما تزال مستعرة، في سلوك اقل أن يقال عنه--من وجهة نظري الشخصية--انه مشين. قناة العربية منبر الحكم السعودي و بوقه الزاعق-- التي تتجاهل بخجل و خزي فتاوي سعودية لا اتردد أن اصفها بالحقيرة-- داومت علي منح جيزيل مساحة لطيفة استغلتها بشكل مبدع البشاعة، فقبل بث حوارها مع تويني مباشرة بثت العربية حوارًا لها مع وزير حزب الله في الحكومة و هي تجول و تصول كأسد هصور، و لكنها امام خبرة تويني و هدوئه و صفاء رؤيته صمتت اغلب الحوار كحمل يحاول تلفيق دور الذئب.

(لماذا تبث العربية هذا قبل ذاك مباشرة؟)

اشتكت جيزيل من القتلي و الجرحي فقال تويني أن تشرشل قال للبريطانيين "لا اعدكم إلا بالعرق و الدموع". استنكرت جيزيل أن يقدم احدًا ما كان علي هزيمة إسرائيل فرد تويني بأننا نقدر.. لبنان لا يقدر وحيدًا و لكن العرب يقدرون .. إسرائيل ليست السوبر مان الذي يخشاه الجميع. تسأل جيزيل إن كان السنيورة هو رجل المرحلة في لبنان فيجيب تويني بأنه مجلس الوزراء جميعه.. بما فيه حزب الله.

تقول جيزيل أن اسرائيل هي "العدو الاكبر" فيقول تويني انها "العدو".

كتبت منذ ايام:

"لا اعرف إن كان أحد من "اللبنانيين" المتذمرين من يحسب بلده شركة تعاونية، أو مؤسسة ربحية، يفترض أن يأخذ كل شيء و لا يعطي أي شيء." ربما اغضب هذا القول بعض المتصفحين "اللبنانيين"، و لكنني اود أن انقل هنا ما سألته جيزيل لتويني في نهاية الحلقة:

"سؤال اخير: هل يمكن أن يكون لبنان وطنًا؟"

فأجاب تويني

" نعم.. إذا اراد اهله"

"إذا اراد اهله؟"

"نعم.. عليهم أن يعرفوا أن الوطن ليس فندقًا، إن لم يعجب احد منهم يقول سأذهب إلي كندا"

سلم لسانك ايها الشيخ، سلمت للبنان و سلم لبنان لأهله و لنا.