عمي رحمي، شفته لأول مرة من حوالي 14 سنة بحالهم، و من ساعتها كنت ضيف من عليه بكرم الافتراب منه و الجلوس في حضرته، و كان بيضحك كتير--و هو بيطلع نفس من سيجارته البلمونت--لما العبد لله يسأله و يقول "بصفتي حمار نفسي اسألك.." و يقولي "يا واد انت ليه مستحمر نفسك كده؟!" . عم رحمي اللي جه يوم فوق سطوح بيت عمر علشان يضحك معانا و يدردش بس زعل و كان ح يمشي بجد لما واحد فينا شتم عبد الناصر. قلبه قلب ابيض من اللبن الحليب، ممكن يزعق و يصرخ و يقلب الدنيا و بعدين فجأة --و بكلمتين طيبين--بتلاقيه زي الطفل الصغير المدهوش. رحمي اللي كان الاول علي دفعته في كلية الفنون الجميلة و اللي علمني شوية من الفن اللي كان كفاية اني اعيش العمر عليه. رحمي اللي طلق علينا بوجي و طمطم و زيكا و زيكو و فلافيلو و بقلظ علشان تعيش احلي لحظات الطفولة في وسط غابة من المشوهين و الممسوخين. رحمي اللي كان بيحب الشباب و بيعتز بيهم و بيشجعهم لدرجة انه طلب مني انا و عمر--قبل الوفاة علي طول--اننا نكتبله برنامج جديد لكن ربنا ما ارداش --فاكر يا عمر؟--و الدعوة دي كانت اكبر وسام علي صدري لغاية يومنا ده.. و لأني ما لاقيتش اجمل من اللي كتبه عمر--زميل الكفاح و رفيق تجربة الصحافة في مجلة سمير-- استأذن منه علشان انشر مقالته اللي كتبها بروح شاعر مرهف عن فنان استثنائي و انسان عظيم بجد
.
.
حبيبته اسمها مصر
......................
إليه.. في ذكرى عيده وموسمه، لما كان "محمود رحمي" بيوزع فوانيس وتوانيس في كل رمضان على كل عيّل في مصر. الزينة مبتزينش دلوقتي والفوانيس اتمايصت يا عم رحمي وانت خلاص روّحت.
مش أنا اللي عرفت رحمي، هو اللي عرفني.. هو اللي رحب بىّ وفتحلي بابه وانا لسه باروح المدرسة الثانوي السخيفة. من حوالي 7 سنين كدة (اتوفى من حوالي 4 سنين) قابلته لأول مرة في مكان ما، وبعديها بكام يوم كنت بارغي معاه على التليفون زى أى اتنين اصحاب، معرفش ليه كان كريم كدة معايا لحد ما اتوفــّى الله يرحمه، وازاى كان عنده قلب جميل كدة ويوجعه ويكون السبب انه يسيبنا ويمشي، وياخد معاه حاجات كتير حلوة كانت فاضلة لنا فيه.
قاعد على الفطار وورايا خلفية التليفزيون بكل ما فيه من كوابيس بيذيعوها سنوياً للعيال، ولما اترحّمت عليه، أخويا قاللي "على فكرة بوجي وطمطم بتتذاع على القناة التالتة كل يوم"، فرحت قوي.. واتفرجت وافتكرت وقلبي بكى.
محمود رحمي لم يكن مجرد فنان عرائس تقليدي أو مخرج موسمي، رحمي كان فنان تشكيلي كبير عنده رؤية إبداعية عميقة وخلفية ثرية جداً كبني آدم عاش في البلد دي وحبها وقرر يخاطب الأمل اللي فاضل فيها: العيال. ياريتكو شوفتوه وهو بيتكلم عن "بوجي وطمطم"، وليه عمل (بُق) بوجي كبير وشعره أكرت، وطمطم أرنوبة لونها روز، رحمي عمل عرايس وشخصيات من طينتنا مش غريبة عننا، العرايس الفروّ والديناصورات والسحالي والسحالف أغراب عننا، وعيالنا ميتغربوش..
كثــّف مصر في حارة، وأبدع تكوينة شخصيات متنوعة وجميلة وحقيقية، قرايبنا واصحابنا وجيراننا، شخوص بتحلم وبتتعلم وبتغلط وبتعبر عن نفسها وبتنجح، مكانش فيه شخصيات سوبر بتهزم العصابات الكبيرة وتكشف الأسرار الخطيرة وتنط من فوق وتطلع من تحت وبتقول كلام كبير في آخر الموضوع، رحمي عمل ناس بتقول كلام جميل، في حبكة درامية بديعة وغير مبتسرة.
الأصالة عند رحمي كانت في الشكل والمضمون. بالذمة فيه طفل نوبي دلوقتي بيربي معزة وبيهزم العصابات وبيسافر الدول العربية في مركب ويطلع الأول وعارف وفاهم وشاطر وكل حاجة في بعض، "بكار" ده مسخ لثقافة النوبة وبيعزز فكرة السوبر مان أو البطل الأوحد والأجدع، وكل الهم ده اللي وجع قلب رحمي على أواخر أيامه.
كانت آخر حلقات عملها رحمي عن "النيل"، كان بيحلم يتكلم عن رشيد، كان مهووس بالسر اللي في البلد دي. كنت أدخل عليه أيام تحضيره للحلقات "عومييير"! يضحكلي وياخدني في حضنه ويطلب من "أمينة" تعمل لي حاجة اشربها "ولا اجيب لك تاكل؟"، أضحك انا. مجلدات "شخصية مصر" مفتوحة قدامه بيذاكر منها عشان يكتب، بيذاكر يا جماعة. يكلمني عن أيام ما بدأ الفكرة مع المرحوم "صلاح جاهين"، وازاى اتخانق مع "بهاء" عشان يكمل معاه، كل تفصيلة وكل فكرة ازاى بتطلع وتتنفذ مهما كان التمن.
مكانـُه من أكتر الأماكن حميمية اللي دخلتها في حياتي، لوَحه وتماثيله ومكتبته وجوايزه وصوره، كنت باحس اني في بيتنا، مع اني كنت باقلق دايماً من فكرة اني باكون بازعجه خصوصاً إنه كان بيتعالج وكتير كان بيبقى نايم ويصحى مخصوص. مش هانسى إنه لبّى بكرم غير عادي دعوة لدخول بيتنا، وقعد مع اصحابي في مكاننا على السطوح، وسهر وغنى معانا، وازاى حَب الواد "مايكل" جداً مع انه بيشوفه لأول مرة – وهو يتحب - وازاى محبش ناس تانية وطلع عنده حق بعدين.
دروس في الحياة والذوق والفن والإنسانية. في المستشفى كان يخرج يتمشى معانا في الطرقات ويقف يطـّمن على كل العيانين اللي حواليه، مكانش حد ينفع يبدع فن بالأصالة والجمال ده وميكونش إنسان رائع زى رحمي، خبر وفاته اللي عرفته بالصدفة وعزاه اللي مفهمتش فيه حاجة، مكانش عندي الرفاهية اني أفهم واستوعب أو حتى أبكي، ده راجل ميناسبوش الحزن العادي ولا الدموع التقليدية، وده شيء بيتأكد لي يوم بعد يوم، راجل بيسمّي مجموعة حلقات عرايس للأطفال: "حبيبتي اسمها مصر" وهى صحيح حبيبته. سبت لنا حمل تقيل قوي وفراغ كبير فعلاً.. الله يرحمك يا رحمي ويعوضنا عنك كل خير
.............................................................................
نقلا عن بلوج تجربة
6 comments:
الله يرحمه...بحسدك عشان عرفت شخصية عظيمة زي رحمي...كنت لسة من كام يوم بفطر في بيت واحدة صحبتي و بعد الفطار ولادها قعدوا يتفرجوا علي برنامج عرايس غريب ...أفتكرته و قلت لصحبتي احنا كنا محظوظين اكتر من ولادك علي فكرة
"اللبن الحليب" أثبت نظريتي ان كلمة حليب بتدل علي نقاء و بياض اللبن :))
و الله ده من فضل ربنا و من انسانية رحمي و كرمه.. و مش عارف اقول احنا محظوظين و لا هما بجد.. اهي بتتفق في حاجات و بتخلف في حاجات
I loved Boogi and 6am6am but I was young and never thought about who made it!! I'm so glad I read this. Now I feel like I've met a great man & lived along side him all his dreams and ambitions! And my what an amazing heart he had, both your words and 3omars almost brought tears to my eyes. But not quite! cuz like 3omar said; regular sorrow or traditional tears do not suit this man, nor would they do him justice if I may add. What would do him justice is knowing his heart, honoring it's msg & Loving his Egypt ;)
Allah yir7ama inshallah o yghamid roo7a el janna. Great Post Alladin ;)
كالعادة يا علاء.. تضيف الكثير
بيش
شكرا بجد علي كلامك الحلو، و ده مش جديد عليكي
:)
الله يرحمه
عمر
مش اضافة مهمة جنب كلامك الجميل يا عمر
بطنى بتوجعنى آه يا طمطم
حرمت يا بوجى؟
حرمت!!!!!
واللقمه الزايده؟؟؟؟؟
حرمت!!!!
وكمان تغميسه؟؟؟
حرمت!!!!!!
ولاتاكل تورته وجلاش وحاجات بطنك ماتسعهاش وتقول يا سنانى وآه يا بطنى
..................................
مش هقول غير كده
Post a Comment