اللغة في فهم العامة البسيط—و عند بعض المبدعين أيضًا--هي اداة لتوصيل ما يفكرون فيه، و لطلب ما يشتهونه و يتمنوه. بينما اللغة في فهم بعض آخر من المبدعين هي غاية و تبتل في حد ذاتها. و في الحقيقة فأن موقف المبدعين يحوي مخاتلة مهمة، فأن التجاهل الفني لجمالية اللغة، و التركيز علي وظيفيتها فحسب، إنما هو خيار يوضح اهتمامًا عميقًا باللغة من طرف خفي، اهتمام لا يقل أبدًا عن اهتمام الفريق الأخر من المبدعين بها باعتبارها غاية و هدفًا.
و بدون الدخول في الجذور و الفروع، التماثل و التمايز بين اللغات المختلفة، فأن اللغة—عامة--هي فاعل و مفعول، فهي أن كانت أداة لتوصيل الأفكار فهي مُشكلة لهذه الأفكار أيضًا. لم يكن اعتباطًا أن يكون يقول إنجيل يوحنا—و هو أفصح الأناجيل الأربعة و أعذبها-- "في البدء كانت الكلمة" (1:1). الكلمة التي وردت باليونانية كـ Logos اعتبرها الكثيرون من المفسرين دليلًا علي العقل. لم يكن الإنسان "عاقلًا" بالمعني المفهوم لولا اللغة. نقلت اللغة العقل من حالته البدائية، و عمقت تلافيفه و زادت من قدراته، منحته "التفكير" بالفعل و ليس بالمجاز. الهمهمات المتداخلة و الغمغمات البدائية لا تصنع نسقًا، و النسق هو عماد التفكير، و التفكير عماد الحضارة. اللغة كانت مسيحًا و شيطانًا في ذات الوقت، فهي إن اعتبرت خالقًا ببركة التفكير، اعتبرت مخلوقًا لعجزها عن إطلاق التفسير. فالتعبير المنطوق يعجز في أحيان كثيرة عن توصيلنا لآفاق الإحساس، فلا يمكن للغة مهما سمت أن تضاهي الموسيقي في إثارتها للإحساس بدون استعارات مكنية أو تشبيهات أو أساليب جذلة بليغة. الموسيقي تجعلك تكتئب أو تفرح أو تخاف أو تتحمس بدون كلمة واحدة. رجوع للأصل البري الذي نحن إليه دومًا دونما أي ندم من نشوء اللغة. الموسيقي ذاتها كنسق متمايز منتظم هي نتاج طبيعة التحمت مع تفكير عميق، التفكير ابن اللغة، نعم. و لكن الطبيعة ابنة لقوة جبارة تقف وراء اللغة. تدرك اللغة و لكن اللغة لا تدركها.
لم يكن اعتباطًا أن يكون آمون—الإله المصري—بلا اسم معروف، و أن معني كلمة آمون هو " من يحرم النطق باسمه". و رغم كون قدماء المصريين متأخرين بشكل ملحوظ في العلوم الفلسفية، مع تقدم رهيب في العلوم التطبيقية مثل الهندسة و الطب، إلا أن تفسير تلك التسمية يدل علي عمق كبير في فهم اللغة "الإله الأكبر حرام نطق اسمه، فأن أنت نطقت اسمه فسيكون شيئًا، و تعالي الله القدير أن يكون شيئًا". نفس المعني الذي استقته اليهودية في تسمية الإله الواحد—الإله "الأعظم" فحسب في مرحلة تاريخية—بمجموعة من السواكن المؤلمة: "يهوه". أيضًا لا ينطق اليهود علي عمومهم—ماعدا شهود يهوه—اسم الإله أبدا، بل يستبدلونها بلفظ السيد "آدوناي".
إذن، فأن اللغة تشييء ما حولنا، فعظمة تعليم الله لآدم "الأسماء كلها" في القصة التي وردت في القرآن هي منح المعني الحقيقي لما يحيط حولنا. فأن كلمة البيت مثلًا تستدعي لعقولنا معني محددًا. كذلك المرأة، النور، الأرض.. الخ. بدون اللغة ممثلة في أسمائها، التي تختزل في أحيان كثيرة صفات و تأويلات ما نسميه، فالكون ذاته غير ممكن التخيل.
و ما قلناه عن علاقة الإنسان عامة باللغة يُضخم ألف مرة في حالة الكاتب، فالكاتب الذي لا يملك تذوقًا للغته، و لا يملك تحديدًا بين الإشراقات المتمايزة للغة في وصف عمليات تبدو متشابهة (نظر -حدج-رمق-استرق النظر/ فهم- استوعب- أدرك)، و لا يملك منهجية فهم الارتباطات المنطقية بين الكلمة في الأصل و بين الاستعارات و التشبيهات التي تقوم عليها، و التي صارت تراكيبًا متمايزة عن الأصل بحد ذاتها (العين: عين الماء- عين الحق)، هو كاتب فقد معركته الأولى، بل هو كاتب تثور حوله الأقاويل حول كنه فهمه هو نفسه للعالم الذي يحيط به.
و بدون الدخول في الجذور و الفروع، التماثل و التمايز بين اللغات المختلفة، فأن اللغة—عامة--هي فاعل و مفعول، فهي أن كانت أداة لتوصيل الأفكار فهي مُشكلة لهذه الأفكار أيضًا. لم يكن اعتباطًا أن يكون يقول إنجيل يوحنا—و هو أفصح الأناجيل الأربعة و أعذبها-- "في البدء كانت الكلمة" (1:1). الكلمة التي وردت باليونانية كـ Logos اعتبرها الكثيرون من المفسرين دليلًا علي العقل. لم يكن الإنسان "عاقلًا" بالمعني المفهوم لولا اللغة. نقلت اللغة العقل من حالته البدائية، و عمقت تلافيفه و زادت من قدراته، منحته "التفكير" بالفعل و ليس بالمجاز. الهمهمات المتداخلة و الغمغمات البدائية لا تصنع نسقًا، و النسق هو عماد التفكير، و التفكير عماد الحضارة. اللغة كانت مسيحًا و شيطانًا في ذات الوقت، فهي إن اعتبرت خالقًا ببركة التفكير، اعتبرت مخلوقًا لعجزها عن إطلاق التفسير. فالتعبير المنطوق يعجز في أحيان كثيرة عن توصيلنا لآفاق الإحساس، فلا يمكن للغة مهما سمت أن تضاهي الموسيقي في إثارتها للإحساس بدون استعارات مكنية أو تشبيهات أو أساليب جذلة بليغة. الموسيقي تجعلك تكتئب أو تفرح أو تخاف أو تتحمس بدون كلمة واحدة. رجوع للأصل البري الذي نحن إليه دومًا دونما أي ندم من نشوء اللغة. الموسيقي ذاتها كنسق متمايز منتظم هي نتاج طبيعة التحمت مع تفكير عميق، التفكير ابن اللغة، نعم. و لكن الطبيعة ابنة لقوة جبارة تقف وراء اللغة. تدرك اللغة و لكن اللغة لا تدركها.
لم يكن اعتباطًا أن يكون آمون—الإله المصري—بلا اسم معروف، و أن معني كلمة آمون هو " من يحرم النطق باسمه". و رغم كون قدماء المصريين متأخرين بشكل ملحوظ في العلوم الفلسفية، مع تقدم رهيب في العلوم التطبيقية مثل الهندسة و الطب، إلا أن تفسير تلك التسمية يدل علي عمق كبير في فهم اللغة "الإله الأكبر حرام نطق اسمه، فأن أنت نطقت اسمه فسيكون شيئًا، و تعالي الله القدير أن يكون شيئًا". نفس المعني الذي استقته اليهودية في تسمية الإله الواحد—الإله "الأعظم" فحسب في مرحلة تاريخية—بمجموعة من السواكن المؤلمة: "يهوه". أيضًا لا ينطق اليهود علي عمومهم—ماعدا شهود يهوه—اسم الإله أبدا، بل يستبدلونها بلفظ السيد "آدوناي".
إذن، فأن اللغة تشييء ما حولنا، فعظمة تعليم الله لآدم "الأسماء كلها" في القصة التي وردت في القرآن هي منح المعني الحقيقي لما يحيط حولنا. فأن كلمة البيت مثلًا تستدعي لعقولنا معني محددًا. كذلك المرأة، النور، الأرض.. الخ. بدون اللغة ممثلة في أسمائها، التي تختزل في أحيان كثيرة صفات و تأويلات ما نسميه، فالكون ذاته غير ممكن التخيل.
و ما قلناه عن علاقة الإنسان عامة باللغة يُضخم ألف مرة في حالة الكاتب، فالكاتب الذي لا يملك تذوقًا للغته، و لا يملك تحديدًا بين الإشراقات المتمايزة للغة في وصف عمليات تبدو متشابهة (نظر -حدج-رمق-استرق النظر/ فهم- استوعب- أدرك)، و لا يملك منهجية فهم الارتباطات المنطقية بين الكلمة في الأصل و بين الاستعارات و التشبيهات التي تقوم عليها، و التي صارت تراكيبًا متمايزة عن الأصل بحد ذاتها (العين: عين الماء- عين الحق)، هو كاتب فقد معركته الأولى، بل هو كاتب تثور حوله الأقاويل حول كنه فهمه هو نفسه للعالم الذي يحيط به.
4 comments:
أختلف معك في نقطة عن اسم أمن (أمون): صحيح أنه في اللاهوت المصري لم يكن أمن وحده خفيا بل كان اسمه كذلك أيضا لا يمكن إدراكه، لكن هذا لا يعني أن المعني الحرفي اللغوي للاسم أمن هو "الذي لا يمكن نطق اسمه". هذه العبارة\المعنى بالأحرى هي دلالة ألحقت بالاسم بسبب صفة المسمى. فهمت قصدي؟
بالمناسبة، رغم أن هذا الاسم الذي كتب أيضا بالسواكن المؤلمة لا يمكننا معرفة كيف كان ينطق بالضبط، إلا أن الأرجح أن همزته لم تكن ممدوده، بل قصيرة، و أن ميمه كانت أميل إلى الكسر.
لست خبيرا في المصريات لكني مجرد هاو و ما ذكرته هو نتيجة قراءاتي و محصلة فهمي الشخصي.
نظريات علم الاتصاب بتضع اللغه قبل اى شىء كوسيله اتصال وبتعتبر الموسيقى اداة اتصال ضعيفه وكذلك الكثير من النظريات الفلسفيه..... بعيدا بقى عن العلم والفلسفه والذى منه انا بشوف برده ان الموسيقى وسلة اتصال ضعيفه.. لو استخدمنا الموسيقى كوسيه اتصال هنلاقى نفسنا بنطلق مجرد همهمات فى الفضاء
اما بالسنبه لموضوع بهاء اللغه فكل الناس بتستخدمها كوسيله اتصال عشان يعبروا عن اللى جواهم الفرق بين لغة الاديب ولغة اى واحد معدى حاجتين الحاجات اللى الكاتب عايز يوصلها من خلال كلامه والشخص العادى والفر التانى اهمية الفاظ وتراكيب اللغه عند كل منهما بمعنى ان اللغه زى القلم اللى الواحد بيكتب بيه بس الاديب بيحب يكتب بقلم مصنوع من الدهب و عليه فصوص الماظ بينما الشخص العادى نهار اما يتمعظم يكتب بقلم باركر :)
مفيش اي اختلاف يا ألف.. الاسم هنا يعني المضمون.. لم اقل أن آمون هو "اسم" الاله، بل المعني الذي
ينادونه به.. و الفارق كبير طبعًا
آز
مكنتش بتكلم عن علاقة اللغة بالموسيقي من حيث وظيفية الاتصال، لكن ما بين الفهم --بكل ما يحيطه من عمليات عقلية و رمزية--و بين الحدس أو الادراك بمعني عام، و ده اللي بتمثله الموسيقي
What a great site Lg smart refrigerator http://www.awning-48.info Saunas en usa Free web hosting sql server Magnifyibng eyeglasses zoloft side effects Gay military blowjobs Nightshot voyeur anal fuck http://www.new-york-liposuction.info Murfreesboro car rentals Steinbach dodge bed mattress somma water bed Stripping off bikini call center network
Post a Comment