designed by: M. Aladdin & H. Fathy

Friday, April 26, 2013

المعراج

دلفت إلى المصعد . نظرت إلى الصارم الواقف امام لوحة الأزرار . ضغط دون أن يسأل ، و لم اشعر انا بوجوب القول . زيه الأزرق المزركش بمسطحه الاحمر العريض و ازراره الذهبية بدا مهندماً مكوياً بشكل مستفز . ظل قبعته حجب عيناه الشاخصة إلى جدار المصعد الفضى دون أن تتحول يمنة أو يسرة . توقف المصعد و دخل رجل انيق و امرأة متأففة . وقفا امامى و كأن هنالك حاجز خفى يفصل بيننا . توقف المصعد مرة أخرى . فدخل طفل مبتسم و معه سيجارة يمتص دخانها فى جشع . نظرت المرأة المتأففة إليه و لكنه نفث دخان سيجارته بأستمتاع . ظل المصعد فى صعوده حتى دلف الينا نمر و انزوى بنفسه و أخذ يتأمل صورة ذقنه النابتة المنعكسةعلى جدار المصعد و يتوسدها بين الحين و الآخر . نزلت السيدة المتأففة فيما يبدو كرد فعل على دخان سيجارة الطفل ذات الرائحة المعطرة . دخل شبح متأنق ينظر إلى ساعته بحركة عصبية . ظهر شيطان فى فراغ الباب و لكنه لم يدلف انما مد يده مبتسماً إلى الطفل الذى تلقفها بمرح و خرج . دخلت أفيال و دراجات و أسماك قرش ساهمة و نجمتين فى حالة غزل . نزل الرجل الأنيق و هو يلمس رباطة عنقه لمسات أخيرة مثلما يُقلب المايسترو صفحات نوتته برهافة . دخلت ثعابين و بومات و كائنات فضائية ملتحية و امرأة مغوية و قناديل بحر و خراتيت و إخطبوط يبدو عليه الخجل . نظر الىَ النمر نظرات مترددة فقررت تجاهله دون أن ادرى لماذا . خرجت النجمتين المتحابتين فاستراحت عينىَ قليلاً . دخلت عربة ضخمة ببطء و سائقها حريص على "ركنها" بالشكل الأمثل . نزل مسوياً هندامه و ناول الصارم مفاتيحها و خرج . ظل المصعد فى صعوده إلى أن خرج الصارم ثم التفت الينا و الباب ينغلق بتؤدة حاجباً عنا نظراته الهادئة . استمر المصعد فى حركته المضطردة إلى الأعلى فقطع تساؤلى الذى حسبته منطقياً . انفرج بابه فدلف الينا الماء بعنف كالمطارد. خرجت الخراتيت و البومات و الأفيال سابحين و صدحوا بالغناء . خرج الأوكسجين سريعاً لاحقاً بهم ، تاركاً الماء يلتحف برئتى بلهفة ، و قد بدا انه وجد مستقراً .'

.................................
كتبت في العام 2001.
نشرت في العام 2003، في مجموعة "الضفة الأخرى"- تُنشر طبعتها الثانية قريبا.