دلفت إلى المصعد . نظرت إلى الصارم الواقف امام لوحة الأزرار .
ضغط دون أن يسأل ، و لم اشعر انا بوجوب القول . زيه الأزرق المزركش بمسطحه
الاحمر العريض و ازراره الذهبية بدا مهندماً مكوياً بشكل مستفز . ظل قبعته
حجب عيناه الشاخصة إلى جدار المصعد الفضى دون أن تتحول يمنة أو يسرة .
توقف المصعد و دخل رجل انيق و امرأة متأففة . وقفا امامى و كأن هنالك حاجز
خفى يفصل بيننا . توقف المصعد مرة أخرى . فدخل طفل مبتسم و معه سيجارة يمتص
دخانها فى جشع . نظرت المرأة المتأففة إليه و لكنه نفث دخان سيجارته
بأستمتاع . ظل المصعد فى صعوده حتى دلف الينا نمر و انزوى بنفسه و أخذ
يتأمل صورة ذقنه النابتة المنعكسةعلى جدار المصعد و يتوسدها بين الحين و
الآخر . نزلت السيدة المتأففة فيما يبدو كرد فعل على دخان سيجارة الطفل ذات
الرائحة المعطرة . دخل شبح متأنق ينظر إلى ساعته بحركة عصبية . ظهر شيطان
فى فراغ الباب و لكنه لم يدلف انما مد يده مبتسماً إلى الطفل الذى تلقفها
بمرح و خرج . دخلت أفيال و دراجات و أسماك قرش ساهمة و نجمتين فى حالة غزل .
نزل الرجل الأنيق و هو يلمس رباطة عنقه لمسات أخيرة مثلما يُقلب المايسترو
صفحات نوتته برهافة . دخلت ثعابين و بومات و كائنات فضائية ملتحية و امرأة
مغوية و قناديل بحر و خراتيت و إخطبوط يبدو عليه الخجل . نظر الىَ النمر
نظرات مترددة فقررت تجاهله دون أن ادرى لماذا . خرجت النجمتين المتحابتين
فاستراحت عينىَ قليلاً . دخلت عربة ضخمة ببطء و سائقها حريص على "ركنها"
بالشكل الأمثل . نزل مسوياً هندامه و ناول الصارم مفاتيحها و خرج . ظل
المصعد فى صعوده إلى أن خرج الصارم ثم التفت الينا و الباب ينغلق بتؤدة
حاجباً عنا نظراته الهادئة . استمر المصعد فى حركته المضطردة إلى الأعلى
فقطع تساؤلى الذى حسبته منطقياً . انفرج بابه فدلف الينا الماء بعنف
كالمطارد. خرجت الخراتيت و البومات و الأفيال سابحين و صدحوا بالغناء . خرج
الأوكسجين سريعاً لاحقاً بهم ، تاركاً الماء يلتحف برئتى بلهفة ، و قد بدا
انه وجد مستقراً .'
.................................
كتبت في العام 2001.
نشرت في العام 2003، في مجموعة "الضفة الأخرى"- تُنشر طبعتها الثانية قريبا.