designed by: M. Aladdin & H. Fathy

Saturday, September 17, 2005

فعل الالتهام

يضع البشر فعل الالتهام في منزلة محيرة حقًا، فهو سواء إن كان وحشيًا يصل إلي درجة الافتراس، أو رقيقًا رهيفًا إلي درجة التذوق، فهو فعل عدواني يعبر في كل الحالات عن فناء الضحية في فم ملتهمها؛ واختفاء وجودها في سبيل اسعاد الملتهم. و بالطبع ترافق عملية الالتهام نشوة عارمة يعرفها الجنس البشري جيدًا؛ المضغ الذي يسيل عصارة ما نلتهمه فتطرب لها حواسنا
و من هنا كان غريبًا للوهلة الأولى أن نعبر عن اعجابنا بالنساء أو بالرجال حتى بصيغ تنبع اساسًا من فعل الالتهام، كأن يقول الرجل للمرأة "يا حلوتي"، أو أن نقول عن تلك الفتاة انها "تؤكل أكلًا"؛ أو "ولد لذيذ"؛ أو "بنت طعمة"
و يصل الموضوع في صيغته الجنسية لأبعاد صريحة: "سأقطعك تقطيعًا"؛ "سألتهمك"؛ "اريد أن اتذوقك"؛ بل و تأخذ بعض الممارسات الجنسية فعل الالتهام ببداياته مثل عضة الحب
و حتى في حالة الأكل الفعلي للحوم البشر بصورة طقسية—بعيدًا عن تقليعات بعض المهاوييس و المضطربين نفسيًا—و المنتشرة بين القبائل الإفريقية، فإننا بمكننا تمييز اسباب لاهوتية و اجتماعية بل و عاطفية وراء طقس الالتهام
إذن ؛ هل تكون هذه بعض فلول مشاعرنا البدائية التي كانت تربط اللذة بالطعام وحده؟! هذا محتمل جدًا. و العجيب أن الانسان هو الكائن الوحيد تقريبًا الذي تمتع بوقوع هذا الفعل عليه، فنحن—في الحالات الطبيعية بالفعل—نجد الأنثى مستمتعة بفكرة انها مُفتَرَسة، و يمتد خيط رفيع بين الالتهام و عرضه لدي الفريسة، ألا و هو الألم، ليمتزجا فيما يمكن فهمه علي انه المازوخية الحميدة—إذا جاز هذا الوصف—تمييزًا عن تلك المازوخية التي يعرفها علم النفس. هذه المازوخية الحميدة الطبيعية فعلًا، و التي تُعبر عن نفسها بصور يُلهمها فعل الالتهام دائمًا: التلذذ بالانتهاك، التلذذ بالألم، التلذذ بالوضع الدوني سواء بصورة نفسية أو حتي فعلية. باختصار هذه هي "النشوة الجنسية للأنثى". بالطبع لا نتحدث عن مقدمات فعل الجنس أو نهايته؛ أو حتى محاولة تأمله و فلسفته من خلال التفكير أو الكتابة حيث يكتسي الفعل غالبًا بالمسحات الرومانسية الهادئة الخافتة؛ بل نتحدث عن الموضوع في عمقه
و بينما نحاول جميعًا الترفع عن "ضلالة" الحيوانية بما يحيط بها من احتقار و بدائية، و محاصرة تلك الضلالة بكل ما نملك من فنون الايتيكيت و البروتوكول—و هو لطيف و مقبول دونما تزيد، فأن ملاحظة تدليلنا لفعل الالتهام و قرنه الدائم بالحب و الاستلطاف لهو تأكيد علي جذر حيواني أصيل لا يمكننا تجاهله، بل لا يصح علينا تجاهله، حيث الوئام معه لا يعني خلع معاطف المدنية و الحضارة، بل يعني مد جسورنا مع النفس من اجل محاولة فهمها بشكل اكثر تعاطفًا و رحابة، لا رفضها من اجل معتنقات تبنيناها دون أي تفهم حقيقي لطبيعتنا و نوازعنا

7 comments:

AZ said...

مش هتصدق!!!!!!! كنت لسه بتفرج على صمت الحملان حالا وكنت بفكر لو هانيبال ليكتر كان اتجوز ستارلينج كان هياكلها والا لا؟
اما بالنسبه لاسباب حب المراه لان تكون فريسه ده موضوع يطول شرحه ابقى احكيلك عليه بعدين

Muhammad Aladdin said...

ماشي
:)

Unknown said...
This comment has been removed by a blog administrator.
Eve said...

يمكن لأنّ حاسة الذّوق هي الوحيدة من بين حواسنا الخمس اللي ممكن نتأكد فيها، بشكلٍ ماديّ وملموس، أنّ "الهدف" قد أصبح فعلاً جزءاً منّا، وأنّنا سنتملّك حينها الإنسان المرغوب فيه تملّكاً ما بعده تملّك: "شو في أكتر من إنو يصير جزء من جسدك؟" هذا بالمقارنة مع نفسٍ نتنشقه ثمّ نزفره، ومشهد نراه ثمّ يغيب عن نظرنا، وصوت نسمعه لكن ما يلبث أن يخفت، وملمس نشعر به لكن يبقى خارج نطاق متناولنا.

Anonymous said...

حتى التفاحة الأولى ارتبط التهامها بوعي الإنسان بالجنس.

و كان اللاتهام هو أول وسائل تعبير جنسي عرفته الحياة القديمة، عندما يبتلع فرد البكتيريا البدائية فردا آخر لتختلط مورثاتهما.

للعارفتين نفسهما: (الفراولاية الحمراء و صاحب الشفايف التخينة لابس الروب الموف ؛)

Shurouq said...

الله يسامحك يا علاء
أنا جعت

Muhammad Aladdin said...

جيرونيمو
لا طبعًا.. مش عيب.. و حتي لو اي حد شايف انها عيب..ده سريرك، و انتي الوحيدة اللي بتقرري ايه اللي ممكن تعمليه فيه

ايف و ألف
مداخلتين مهمتين فعلًا.. شكرا بجد

شروق
يعني.. عندي امل كبير في انه يسامحني.. ممكن يسامحني.. انتي عارفة: هو غفور رحيم
:)